الحرب على اليمن أمريكية

تشير عدة معطيات إلى أن العدوان العسكري السعودي على اليمن لم يكن مفاجئا أبدا كما تحاول بعض وسائل الإعلام الغربية والعربية المتعاونة معها تصويره وأن أمريكا لا علاقة لها به وأنها فوجئت بحصوله كما الجهات المعنية أو غير المعنية الأخرى بل هو عملية معد لها بشكل مسبق ومحضر لها من السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها بحيث تسبق الاتفاق النووي الإيراني لعلها تخلط الأوراق في المنطقة وتؤدي إلى تعطيله أو على الأقل إعاقة التوقيع عليه. ومن هذه المعطيات التي أشرنا إليها في بداية الحديث:
– يوم السبت 15/3/2015 قالت السفارة الأمريكية بالرياض في بيان مقتضب لها إنها حثت كل المواطنين الأمريكيين في السعودية على اتخاذ احتياطات متزايدة أثناء تنقلاتهم وأشار البيان أيضا إلى إلغاء الخدمات القنصلية الأمريكية في الرياض وجدة والشرقية بسبب مخاوف أمنية متزايدة ولم يشر البيان إلى طبيعة هذه التهديدات ومصدرها!
– في اليوم نفسه حذرت السفارة الأمريكية في الرياض موظفي النفط الغربيين الذين يعملون في المدن السعودية من أنهم قد يتعرضون لهجمات من قبل متشددين إلا أن هذا التحذير الذي جاء على شكل رسالة لم يحدد منú هم هؤلاء المتشددون ولا طبيعتهم ولا جنسياتهم وما إذا كانت المخاوف تندرج ضمن الإطار ذاته.
من الطبيعي أن يخطر في بال القارئ أو السامع لهذا التحذير مباشرة أن هذا التهديد سيكون مصدره أو أصحابه تنظيم «القاعدة» أو داعش الإرهابيين من خلال هجمات قد ينفذونها ضد أهداف محددة داخل السعودية إذ إن السعودية ليست في منأى عما يجري في جوارها من جرائم إرهابية وبالتالي فإن بيان السفارة الأمريكية مبني على أساس معلومات أمنية استخبارية أمريكية تابعة لسفارتها واستخباراتها في السعودية وجوارها من الدول إلا أن من يعرف السلوك الأمريكي وتعاطيه مع عمل سفاراته وقنصلياته حول العالم يستنتج بسهولة أن هذه التحذيرات سيعقبها حدث ما ومهم على غرار ما جرى عام 2006 في لبنان إذ استبقت الولايات المتحدة العدوان الإسرائيلي على لبنان (أي حرب تموز) بتحذيرات من سفارتها في لبنان لمواطنيها الأمريكيين في بيروت وغيرها من المدن اللبنانية إلى جانب إجلاء الكثير من رعاياها من لبنان قبل بدء الحرب.
هذه الاحتياطات المتخذة من السفارة الأمريكية في السعودية هي بمثابة تنبيه أمريكي بأن الأسابيع السابقة لـ31 آذار الماضي والتي تسبق توقيع الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1 هي أسابيع ساخنة سياسيا وستتحول إلى أيام ساخنة عسكريا لماذا¿ لأن أمرا ما أو حدثا ما سيحصل ولأن واشنطن تعلم أن السعودية على موعد مع مواجهة حقيقية وحرب لم تكن في الحسبان سوى عند الولايات المتحدة وحلفائها ولهذا تم اتخاذ الاحتياطات اللازمة المطلوبة من أجل تأمين سلامة الأمريكيين.
إذا الحرب على اليمن لا يمكن أن تكون حربا مفاجئة جاءت في أعقاب وصول طلائع الثوار إلى عدن تماما كما لم يكن ممكنا اعتبار أن إسرائيل شنت حرب تموز عام 2006 على لبنان الدقيقة والمخططة الأهداف كرد فعل على عملية حزب الله وأسر الجنديين الإسرائيليين وإلا كان على الإسرائيليين بالعقلية نفسها والموقف نفسه الرد بحرب على لبنان بعد العملية الأخيرة لحزب الله في مزارع شبعا التي أتت ردا على عملية القنيطرة.
وهكذا بناء على ما تقدم ذكره يتضح أن الحرب السعودية على اليمن هي عملية مخطط لها بحيث تسبق توقيع الاتفاق النووي الإيراني وهي حرب أرادتها وطلبتها السعودية وجهزت وحضرت لها بالتنسيق مع أمريكا ودول غربية وحلفاء للسعودية سارعوا إلى تلبية ندائها فورا.
لقد تقاطعت أو التقت المصالح السعودية مع المصالح الإسرائيلية حيث إن الاتفاق النووي مع إيران يزعج الطرفين السعودي والإسرائيلي.
والمفارقة أيضا أن أول تعليقات للمسؤولين الإسرائيليين على الغارات السعودية على اليمن كانت على النحو التالي: (إن أخبارا سارة تأتي من اليمن وإن السماع بالغارات السعودية على اليمن يمثل حدثا سارا لدى الإسرائيليين!) هذا نموذج من التعليقات كذلك الهجمات والغارات على اليمن وتحديدا على مواقع الثورة اليمنية سارة بالنسبة للسعوديين وبالتالي تقاطعت المصالح!
باختصار الحرب على اليمن أو ما يسمى بـ(عاصفة الحزم السعودية) تمت بموافقة أمريكية وبتخطيط مسبق من واشنطن وحلفائها وعملائها وهي موجهة ضد اليمن وإيران واتفاقها مع الغرب حول ملفها النووي السلمي وإلى ذلك فإن الطيران الأمريكي يشارك في الحملة السعودية على اليمن بتأكيد (محمد حسنين هيكل) مؤخرا خلافا للنفي الأمريكي لأي مشاركة في القصف الجوي.
* نقلا عن موقع الوطن

قد يعجبك ايضا