هادي والبيض.. ما أشبه الليلة بالبارحة !!

تسارع الأحداث وديناميكيتها في الساحة الوطنية هذه الأيام المشئومة تعيد إلى الأذهان وبقوة ما حدث في صيف 1994م حين اعتكف علي سالم البيض في عدن بحجج متعددة ثبت فيما بعد أنها لم تكن إلا ذرائع لتنفيذ أجندة وغرض في نفس يعقوب. فعلى الرغم من انتهاء الأزمة السياسية الناشئة بين شريكي الوحدة المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني بالتوقيع على وثيقة العهد والاتفاق في العاصمة الأردنية عمان وبحضور وتأييد دولي أصر علي سالم البيض على العودة الى عدن بدلا من العاصمة صنعاء بحسب بنود وثيقة العهد والاتفاق بنقاطها ال18 والتي لم يكن حبرها قد جف. ونتيجة لذلك التعنت غير المبرر نشبت حرب ضروس سميت حرب الانفصال وما نتج عنها من جراح غائرة في الجسد اليمني ونسيجه الاجتماعي نتيجة قيام الطرف المنهزم بالتعبئة الخاطئة اثنا وبعد الحرب التي فرضتها الأحداث للحفاظ على الوحدة اليمنية . نعلم أن البيض قد وقع على اتفاقية الوحدة في 30 نوفمبر 1989م في ذكرى عيد الاستقلال المجيد ودخل الوحدة ليس عن اقتناع بحتميتها كمنجز واستحقاق تاريخي وإنما هروبا من صراع مسلح دام كان على وشك الحدوث بين الرفاق للإطاحة به نتيجة لإفلاس حكومة عدن المعتمدة كليا حينها على مساعدات الاتحاد السوفيتي قبل انهيار منظومته وتفككه وهو الأمر الذي اضطر الحزب الاشتراكي وأمينه العام علي سالم البيض تحديدا للهروب إلى الوحدة رغم معارضة بعض رفاقه وتأييد البعض الآخر المؤمنين بالوحدة لاعتبارات عدة لست بصددها الآن وعندما تأثرت مصالح الاشتراكي في تقاسم المناصب مع شريكه المؤتمر الشعبي العام بعد الانتخابات البرلمانية عام 1993م والتي حصل الاشتراكي على 46مقعدا فقط فلجأ الاشتراكي للهروب الى الخلف وإعلان الانفصال خاصة بعد حصوله على وعود قوية بالدعم السخي من دول الجوار النفطية التي نظرت للوحدة اليمنية بأنها مصدر خطر فتأمرت عليها وقدمت للبيض كل أنواع الدعم ليتمكن من تحيق الانفصال وحصل ما حصل .اليوم وبعد قرابة ربع قرن على إعادة تحقيق الوحدة اليمنية وعشرين عاما على تلك الأحداث المؤسفة في صيف1994م تعيش اليمن حالة مماثلة رغم اختلاف أدواتها ومبرراتها والواقفين خلف ما يدور إلا أن الهدف واحد هو تفتيت اليمن ليس إلى شطرين وإنما إلى أشطار متناحرة لاسمح الله.
فهاهو الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي يطل برأسه من مدينة عدن الحبيبة التي هرب إليها من العاصمة صنعاء ليس ليدافع عن اليمن والوحدة ويرسخ مداميكها التي بدأت تتآكل – نتيجة للتحريض الإعلامي والسياسي لرموز الانفصال خلال العقدين الماضيين ونتيجة للأخطاء والتصرفات التي كان هادي أحد أهم مرتكبيها – ولكنه ليوجه لها سهام الانفصال والتشطير والتشظي تماما كما فعل البيض وإن اختلفت الذرائع والأدوات التي يستخدمها هادي وهي أشد خطورة وفتكا
 قد يقول قائل إني أتجنى على هادي وانه وحدوي وحارب ضد الانفصال في 94م غير أني أقول أن اشتراكه في تلك الحرب لم يكن البتة من أجل الحفاظ على الوحدة إيمانا بواحدية اليمن الأرض والإنسان والتاريخ وإنما كان انتقاما من عدو الأمس الحزب الاشتراكي اليمني (الطغمة) الذي تغلب على (الزمرة) ونكل بها وهادي واحد ممن نكل بهم بعد أحداث 13 يناير 1986 م المأساوية الدامية التي لازالت آثارها حتى اليوم
لقد أكدت الأحداث المتلاحقة على أرض الواقع منذ تم تعيين العقيد هادي وزيرا للدفاع خلفا للوزير الاشتراكي هيثم قاسم طاهر أكدت أن هادي كان رأس الحربة في إيجاد ما سمي بالقضية الجنوبية من خلال عمليات الإقصاء الممنهج التي قام بها هادي منذ كان وزيرا للدفاع حيث قام ناقما على  كل الكوادر والقيادات المحسوبة على الاشتراكي بدوافع انتقامية وأحل محلها كوادر وقيادات الزمرة وعندما عين نائبا لرئيس الجمهورية استكمل بقية مخطط الإقصاء الممنهج لكوادر الاشتراكي في القطاعات المدنية والأمنية والشرطية المختلفة وهو بذلك أول من بذر بذرة الانفصال والاحتجاجات لما عرف بالحراك الجنوبي وكان هادي يعطل كل توجيه رئاسي لمعالجة أوضاعهم بطرق ملتوية لولا إصرار الرئيس السابق على حل تلك المظالم التي أوجدها هادي مع سبق الإصرار لأنه كان يدرك أن إعادة عناصر الاشتراكي للعمل سيكون على حساب طغمته.
وبنفس آلية البيض نزح هادي إلى عدن مدعيا انه ليس في مأمن على نفسه خاصة بعد أن فقد منصبه بتقديم استقالته إلى مجلس النواب بمحض إرادته غير أنه عندما وصل عدن أعلن أنه لازال رئيسا لليمن الموحد خلافا لممارساته الانفصالية على الواقع كقيامه بطرد الضباط والأفراد الذين من المحافظات الشمالية وتسليط القاعدة ومليشيات نجله جلال لقتلهم بالهوية
وآخر أعماله الانفصالية طلبه اليوم من مجلس الأمن الدولي التدخل العسكري الدولي في اليمن تحت الفصل السابع كخطوة فعلية نحو الانفصال تماما كما فعل علي سالم البيض حين طلب التدخل الدولي عام 1994م ولعل رفع الأعلام الشطرية على المعدات العسكرية والدوائر الحكومية في عدن

قد يعجبك ايضا