(وللتاريخ رأي) (1 – 3)

جمال عبدالحميد عبدالمغني

 - يقولون من لا ماضي له فلا حاضر له ولا مستقبل وأنا شخصيا غير مقتنع بهذه المقولة المبالغ فيها كثيرا.. لكني أعتقد جازما أن الماضي هو عبارة عن مرآة تعكس لنا الحاضر والمستقبل
يقولون من لا ماضي له فلا حاضر له ولا مستقبل وأنا شخصيا غير مقتنع بهذه المقولة المبالغ فيها كثيرا.. لكني أعتقد جازما أن الماضي هو عبارة عن مرآة تعكس لنا الحاضر والمستقبل وتختزن للأجيال الكثير من الصور والمشاهد التي تتكرر كثيرا عبر العصور والقادة الأذكياء هم من يقرأون التاريخ جيدا ويستفيدون من كل المواعظ والعöبر التي دونتها صفحاته فيحاولون الاستفادة القصوى من الإيجابيات التي حدثت من أسلافهم وتحاشي السلبيات التي حدثت في أي عصر من العصور الغابرة خصوصا إذا كانت تلك السلبيات من الأنواع التي ترتقي إلى درجة الأخطاء الفادحة أو القاصمة.. وكما استفاد الغرب من ايجابيات أجدادنا العظماء والذين حكموا بالعدل والصدق والأمانة والمساواة والتواضع ونظافة اليد وتحاشوا أخطاء أسلافهم المتمثلة في الظلم والبطش والفساد والتكبر والجبروت. فسبقونا اليوم كما نلاحظ ربما بسنوات ضوئية وليس بقرون أو عقود لقد أصبحنا عبارة عن مستهلكين فقط لكل ما ينتجوه من الإبرة إلى الأقمار الصناعية وكل أموالنا مسخرة لما تمن علينا به عقولهم العبقرية وأياديهم الماهرة. حتى على مستوى الحبوب والفواكه التي لا تحتاج إلا إلى البذر والسقي والحصاد. لا حول ولا قوة إلا بالله. والمفروض أن نأخذ بالأسباب التي أوصلتهم إلى ما وصلوا إليه ولا عيب في ذلك والبداية أن نسخر كل إمكانياتنا ومواردنا الحقيقية لصنع حاضرنا ومستقبلنا بدلا من أن نتركها عرضة لنهب الناهبين وسرقة اللصوص وبعد أن يقع الفأس في الرأس نفاوضهم على تسليم وطننا مقابل تحصينهم من أي مسآلة قانونية عن كل ما ارتكبوه في حق شعبنا من قتل وتنكيل وظلم وحتى منحهم صك غفران وسماح بالأموال التي انتزعوها من أفواه الجياع وهم السواد الأعظم في هذا الشعب المظلوم.. فيأتي حاكم أو حكام آخرين فينهج هو ومن يحكمون باسمه ويدورون في فلكه نفس النهج وكأنك يا أبو زيد ما غزيت. إذا ليس العيب فينا كعرب ومسلمين وليس التخلف والفقر مفروضين على أمتنا وشعوبنا بل العيب الحكام بدليل نهضة ماليزيا وتركيا!!
اعذروني فقد أنساني ألم الفساد والفاسدين موضوعنا الرئيسي وهو إمارة الأندلس في عام 300هـ وحالها الذي وصل إلى الحضيض آنذاك بشكل يشبه حال اليمن اليوم إلى درجة بعيدة جدا بل ربما إلى حد التطابق فكان المنقذ الفذ قائد عظيم يسمى عبدالرحمن الثالث وهو ثامن الأمراء الأمويين في الأندلس وأول من تسمى بأمير المؤمنين وخليفة المسلمين في الأندلس ويعتبر أقوى الأمراء في تاريخ الأندلس ويعتبر عصره من العصور الذهبية للأندلس وقد قال المؤرخون أنه لم تعرف الدنيا نموذجا من الحكام يماثله أو يشابهه وكان فريدا في شخصيته وذكائه وكان فريدا أيضا في حكمه وقيادته الفذة وجده السابع هو عبدالرحمن الداخل (صقر قريش) وسنلقي مزيدا من الضوء على شخصيته العظيمة في التناولة القادمة وكيف استطاع أن ينقذ الأندلس بعد أن وصلت إلى مرحلة الانهيار. وللحديث بقية.

قد يعجبك ايضا