11فبراير.. الثورات ليست خطيئة

معاذ القرشي


 - الثورات ليست خطيئة مهما رافقها من أخطاء وممارسات ومن يريد أن يصورها كخطيئة فهو يحاول  قتل روح الثورات في نفوس الثائرين.
معاذ القرشي –

الثورات ليست خطيئة مهما رافقها من أخطاء وممارسات ومن يريد أن يصورها كخطيئة فهو يحاول قتل روح الثورات في نفوس الثائرين.
ثمة ثورات تحقق النتائج والأهداف المرجوة منها وثورات أخرى تموت عند المخاض وثانية تموت بيد الثوار أنفسهم لكنها تظل جميعها فعلا مشروعا من اجل الوصول إلى التغيير الجذري الشامل ولو كانت الثورات التي لم تحقق النتائج والأهداف لا تحسب من سفر النضال الوطني لما كان الاعتراف بثورة 1948م ضد الحكم الإمامي الكهنوتي الظالم وهي الثورة التي سجن وقتل اغلب رجالها ولم تحقق النتائج الايجابية من قيامها.
نتذكر هذا الآن ونحن نحتفل بالذكرى الرابعة للثورة 11فبراير الشبابية السلمية تلك الثورة التي عبرت عن شموخ الشعب اليمني ورفضة للظلم والطغيان وهي الثورة التي أشعل جذوتها بوعزيزي في تونس واستطاعت أن تقتلع الكثير من الأنظمة المستبدة.
إن الحديث والكتابة عن الثورة يقتضي الحديث عن تلك التضحيات التي رافقتها والتي كانت الثمن ليس لانتصار الثورة ولكن لبقاء إرادة اليمنيين عصية على الانكسار مهما كانت قوة أدوات السلطة القمعية ولا ننكر نحن الجيل الذي شارك في هذه الثورة ان ثورتنا لم تحقق أهدافها حتى لا نتعرض لنقد الآخرين وسنتحمل بل تحملنا هذا ولا نزال لكننا لا بد ان نوضح حقيقة يعمل البعض للأسف على طمس معالمها وهي أن الخلل لم يكن في الثورة كمطلب شعبي ولا في قوى الثورة الحية الحالمة بغد مشرق لليمنيين جميعا بل كان في الأدوات التي استغلت الثورة لصالحها وفي اوقات كثيرة كانت تلك الأدوات التي كنا نعتبرها رافعات لتروس الثورة جزءا من النظام الذي ثرنا عليه وفي حقيقة الأمر نقد الثورات ليست مهمة الثوار الذين قاموا بها لكنها مهمة التاريخ
نستطيع ان نقول مهما كانت نتائج ثورة 11فبراير تظل فصلا من سفر النضال الوطني الذي انتصرت فيه الوردة على الرصاصة وانتصر الدم على السيف في ملحمة وطنية ظهرت فيها قدرة الشعب اليمني على النهوض من جديد والوقوف بخياراته السلمية امام الظلم والطغيان.
ومن ذكريات ثورة 11فبراير أتذكر رجلا عجوزا في ساحة التغيير في صنعاء وأنا وهو نتقاسم خيمة صغيرة أثناء هطول امطار غزيرة سألني بشكل مفاجئ قائلا: يا ابني لماذا تركتوهم يسرقون ثورتكم كان هذا بعد انضمام بعض القيادات العسكرية وتحديدا قيادة الفرقة الأولى مدرع فقلت له وكنت مخطئا يا ابي نحن لا نستطيع ان نقبل أو نرفض توقف المطر وذهب كل منا إلى حال سبيله واعتبرت ذلك العجوز مجرد عنصر من النظام السابق جاء من اجل احباط عزيمة الثوار لكن وبعد ما حدث منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم اجدني مدينا باعتذار لذلك العجوز بل اقبله على راسه وأقول له اعذرني واعذر ثوار 11فبراير الانقياء فعنفوان الثورة والثوار والأمل الكبير في الغد المشرق والأفضل لم يجعلنا نستطيع ان نقرأ الواقع حينها قراءة صحيحة ومتجردة.. لقد كنا يا ابي نبحث عن ما يظل ويحمي رؤوسنا من حر أدوات السلطة القمعية كنا نعتبر من ينضم الى قوى الثورة ملائكة جاءوا من السماء ينصرون الثورة ولم نكن نعرف ان فاتورة دعم الثورة والوقوف مع الثوار سيكون ابتلاع الثورة نفسها.
وهنا أجدني مشدودا للتأكيد على أن الثورات التي تفشل في تحقيق النتائج المرجوة تظل بذرة ثورة بل ثورات قادمة طالما ظل الظلم والطغيان والإقصاء والتهميش وستظل ثقافة الرفض في قلوب اليمنيين بما فيها رفض من يعتلون سدة الثورات ويحولونها إلى مقاصل للمعارضين ومن يختلفون معهم في الرأي وهنا اترحم على تلك الطليعة من هذا الجيل الذي لبى نداء الثورة عندما شاهد احلام الشعب تتحطم على صخرة نظام شراء الولاءات وسجل انصع البطولات وستظل تلك البطولات والتضحيات دليلا على أن هذا الشعب عصيا على الإلغاء والمصادرة ونقول لمن يعتلون سدة الثورات أن منطق القوة أو التلويح بها يمكن أن يوصلك إلى السلطة لكنه لا يستطيع ان يضمن لك البقاء فيها.

قد يعجبك ايضا