((سياسة هز الشجرة ))

د. غيلان الشرجبي

 - 
لقد ظل الرئيس السابق يتغنى ب(تحالفه الاستراتيجي مع قيادات الإصلاح) التي تحالفت معه فعلا لتصفية حساباتها مع خصومها  فتم  تصفية الناصريين ثم ازاحة الاشتراكي وتمزيق البعث ثم تهميش كافة القوى بما فيها القبلية التي لم تنضو تحت مظلة

لقد ظل الرئيس السابق يتغنى ب(تحالفه الاستراتيجي مع قيادات الإصلاح) التي تحالفت معه فعلا لتصفية حساباتها مع خصومها فتم تصفية الناصريين ثم ازاحة الاشتراكي وتمزيق البعث ثم تهميش كافة القوى بما فيها القبلية التي لم تنضو تحت مظلة الإصلاح لينتهي المشهد السياسي الى غياب التوازنات الكفيلة بانضاج التجربة الديمقراطية التي يتنافس فيها الجميع لاكتساب ثقة الجماهير باختيار المرشحين القادرين على تمثيل الإرادة الشعبية التي يثير مجرد الإشارة إليها هواجس كلا الطرفين خوفا من احتمالات البلورة الفعلية للتداول السلمي للسلطة ولأن هذا المنطق الاستحواذي ظل حاضرا فقد كان لابد للتحالف الهش ان يفتح شهية طرفي هذه المعادلة السياسية المنقوصة لفض الشراكةلنشهد متوالية من الأزمات التي يفتعلها الإصلاح للضغط على رأس النظام الذي يذعن للأمر الواقع مادام الأمر لا يلامس(الخطوط الحمراء ) وهو الشعار الذي ظل يكرره ليؤكد للطرف الآخر بأن صلاحياته لاتقبل المساومة ليصبح هذا الشعار المألوف مؤشرا على إمكانية إعادة التوازنات لتلافي التصعيد بخفض سقف شروط اللعبة السياسية بتطمين الإصلاح لصالح بالوفاء لسلطانه غير القابل للانتقاص مقابل الدخول في مساومات تقاسم للامتيازات بصيغها المطلقة .
وبتكرار أسلوب الكر والفر بين (الشريكين المتشاكسين ) كان لابد أن يلجأ الإصلاح الى أسلوب (هز الشجرة ) كمعادل موضوعي للسلطة التي يمكن الوصول إليها على المدى البعيد بدلا من الدخول في مغامرة الانقضاض على الشجرة بفأس أو منشار وبالتالي استنفار المسؤول عنها وذلك بالاكتفاء بهزها لتتساقط ثمارها الناضجة أو غير المقطوعة والأوراق والأغصان غير المسنودة ثم مع المدى تنكمش الفروع ويصل الضمور الى الجذع الذي يتراخى رسوخه في أعماق التربة ليسهل اقتلاعه في الوقت المناسب وهو ما حدث فعلا طوال العشرين عاما الأخيرة وذلك بمحاربة كل بادرة ايجابية لان جهود صاحبها ستصب في رصيد السلطة- شاء أم ابى – من جهة والحرص على مهادنة الفاسدين لان سلبياتهم ستؤدي إلى تذمر الناس من مفاسد محسوبة على النظام – من جهة أخرى – وربما ابتلع رأس النظام الطعم فاستشرت ظاهرة (النصائح الملغومة) التي ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبله العذاب” فتوالت تصفية كل من تثار ضدهم ضجة مهما كانت مفتعلة وتثبيت كل من يدخل بورصة المقايضة بتعطيل دوره الوظيفي مقابل مسايرة الأوضاع السائدة وهي عملية حسابية مضبوطة فالتهدئة أولى من الاثارة والتضحية بأشخاص مجرد شطب أرقام أحادية مقابل استمرارية أوهام(التحالف الاستراتيجي)الذي راهن عليه رأس النظام طويلا..الا أن هذه المعادلة الحسابية الخادعة لاتجدي لاحتساب المتغيرات السياسية.
لذلك استيقظ سيد القصر الرئاسي في الوقت الضائع ليجد (كرسيه على روؤس ثعابين ) ماكان لهم أن يبلغوه لو أنه استند الى ثقة الجماهير وراهن على بناء دولة وأحسن اختيار رجالاتها في المؤسسات التنفيذية التي تعزز حضور الدولة في خدمة المجتمع بحيث يمثل هذا التواجد الميداني سياجا يحمى النظام فيما يشبه (التحصينات وإقامة خطوط دفاعية للمواقع الحساسة).
استطاع الإصلاح وفي الوقت المناسب تقويض النظام تحت شعار (الشعب يريد اسقاط النظام) أي (احداث الفوضى الخلاقة) لكنهم لن يتمكنوا من إقامة دولة أو تشييد نظام أو الاستقرار في السلطة على أنقاض الدمار الشامل الذي خلفه شريكان أحدهم مصاب بـ(فوبيا التجديد ) والآخر يعاني (عقدة التقليد) الأول يرى في الدولة القوية تهديدآ لسلطته المطلقة والثاني يؤمن بان الاحتكام لنظام يتعارض وثقافته المنغلقة وهو ماحدث في ارض الكنانة فقد وصل الاخوان الى الحكم على انقاض وضع منهار ف(يا حافر الحفرة احفر وسويها واحذر من الأيام يمكن تقع فيها) .

قد يعجبك ايضا