غداء الغدر ازهق حلم اليمنيين وجعل القمر يتوارى
معاذ القرشي
نحن جيل جاء بعد مرحلة الرئيس ابراهيم الحمدي لكننا نشهد أن ذكره استمر حاضرا طوال مشوار حياتنا مع كل أنواع الطمس لتاريخ الرجل وانجازاته وحضوره في ذاكرة الناس .
لقد كان الحمدي ولا يزال عصيا على التغييب أما لماذا أستعصى على التغييب ¿ فهو السؤال الذي يعرف إجابته كل من شهد مرحلة التحولات العظيمة في حياة الشعب اليمني فهو لم يأت من بوابة القوى التقليدية المهيمنة ورغم عسكريته لم يتصف عهده بعنجهية العسكريين المعروفة عندما يصلون الى السلطة وإنما جاء لقيادة عملية تصحيح للأوضاع القائمة حينها وهي الأوضاع التي فرضتها الحاجة الماسة لزعيم قدوة في أخلاقه وعفة نفسه وطهارة يده وكان الرئيس ابراهيم الحمدي مثالا يحتذى في كل ذلك بشهادة معارضيه قبل أنصاره.
لقد عايش الشعب اليمني طهارة ذلك الزعيم عن قرب وبكثير من الشواهد وهو الأمر الذي جعل الشعب اليمني بشكل طوعي يقوم بمحاكاة أخلاق الحمدي وبتطبيق المفاهيم الجديدة التي رسخها مثل تقديم النشاط العام على النشاط الخاص ونشر ثقافة التضحية واعلاء روح الإيثار والانتصار دائما للمجموع تلك المحاكاة التي مارسها الشعب اليمني كانت نتيجة لقرب الحمدي من الجماهير واقترابها منه فقد كان لا يحبذ وجود قوى تعيق اقتراب الناس منه وهي سمة امتاز بها دون بقية من حكم اليمن .
(احب وطني واحب فيه كل مواطن) واحدة من أجمل العبارات التي وردت في واحد من خطابات الرئيس الحمدي عادة الرؤساء لا يذكرون حب الوطن بهذه العفوية التي تجعل الحقيقة واضحة كالشمس في كبد السماء وان ذكروا حب الوطن فهو للشعار أكثر منه للحقيقة ولم يذكروه مع الحب للمواطن وحده الحمدي من بين كل الرؤساء الذين حكموا اليمن اعلن حبه للمواطن وهو الحب الذي أكدته الحقائق الظاهرة والتجارب المعاشة أحب فيه كل مواطن هكذا قالها الحمدي حب نقي طاهر وعفيف بعيدا من التصنيفات الضيقة من ولاء أو عشائرية أو قبلية متخلفة انه حب كريم من كرامة الأرض اليمنية الطاهرة وخيرها الدافق.
الحمدي واستعادة ثقة الشعب
نستطيع أن نقول أن الشعب اليمني مع الحمدي استطاع أن يستعيد ثقته بنفسه وبقدرته على البذل والعطاء والإنتاج وهو الأمر الذي جعل كثير من المغتربين اليمنيين العاملين في القرن الافريقي ودول الخليج العربي يعودون وبدأوا يديرون تروس عجلة التنمية في اليمن بعد الزخم الشعبي الذي ارساه الحمدي والقائم على شحذ همم اليمنيين وتوجيه طاقاتهم من أجل بناء الدولة اليمنية الحديثة دولة النظام والقانون دولة المؤسسات التي تراهن على الإنسان قبل كل الموارد الأخرى ففي عهد الرئيس الحمدي وجدت النواة الأولى لهيئات التطوير التعاوني التي ساهمت في التنمية في كل ربوع الوطن وفي عهدة وجدت كثيرا من المؤسسات العامة التي حققت نجاحات كبيرة انعكست ايجابا على الوضع الاقتصادي ولم يكن عمل تلك المؤسسات والهيئات والوزارات بعيدا من الرقابة فقد وجد جهاز الرقابة والمحاسبة ولجان التصحيح المالي والاداري وخلق وعيا شعبيا بأهمية العمل والإنتاج .
الحمدي والقوى التقليدية
مع كل النجاحات التي استطاع الحمدي أن يحققها وانعكست بشكل إيجابي على مستوى حياة المواطن في بلد لم يكن قد استخرج النفط فيه بعد لدرجة أن يحصل الطالب في المدرسة على مبلغ اعانة مالية تساعده على العملية التعليمية وهذا بحسب شهادات الكثير ممن عايشوا مرحلة الحمدي مع قصرها يدلل بما لا يدع مجالا للشك على قدرة الرجل على وضع علامة فارقة بين الماضي والحاضر الا أن طريقه لم يكن مفروشا بالورود رغم كل ما بذله من اجل سعادة المواطن اليمني لقد واجه قوى تقليدية متخلفة لطالما كانت عائقا بين اليمنيين وبين الانطلاق إلى التطور لقد كان وصول الحمدي الى سدة الحكم بالنسبة لتلك القوى كارثة سعت بكل الطرق لتجاوزها ورغم كل الممارسات التي ارتكبتها تلك القوى بحق الوطن حينها إلا أن الحمدي رغم عسكريته لم يستخدم العنف ضد معارضيه لقد انتهج طريقة فريدة في مواجهة القوى التقليدية وهي طريقة مد جسور التواصل مع غالبية الشعب علاقة وتواصل عنوانها الانتصار الدائم لحق الشعب اليمني في أن يعيش حرا كريما لا يستجدي أحدا كان الحمدي يرحمه الله إذا تقاربت القوى التقليدية المتخلفة من بعضها البعض لحماية مصالحها اقترب هو من الشعب الذي كان يراهن عليه وعلى وعيه وعلى ارادته في صنع التحولات العظيمة والعميقة وهذا هو سر حب الشعب اليمني للرئيس الحمدي حيا وميتا لقد كان الشعب يبادل الحمدي الوفاء وهو الوفاء الحقيقي الذي مكانه الافئدة وليس وفاء زائفا ومصنوعا مكانه صناديق الانتخابات المعدة سلفا.
ثمة صورة لا تزال تنطق بالوفاء للحمدي لم ي