من إقليمين الآن وليس غدا

عارف الدوش


 -   ظل ولازال من بيدهم مقاليد السلطة والحكم " القوة  والمال والمليشيات بكل أصنافها مسلحة ومفخخة " ينكرون الواقع ولا يعترفون به حتى وصلت  الأمور  إلى ما
عارف الدوش –

  ظل ولازال من بيدهم مقاليد السلطة والحكم ” القوة  والمال والمليشيات بكل أصنافها مسلحة ومفخخة ” ينكرون الواقع ولا يعترفون به حتى وصلت  الأمور  إلى ما بعد الإقليمين وما بعد التعايش بلغة كراهية وتنافر بغيضة فبعد أن كنا نقول: الانعزاليون والانفصاليون جنوبا وشمالا سيهزمون  فإذا بنا نراهم اليوم يتكاثرون ويفرخون محاضن جديدة كانت بالأمس وحدوية  ليس محليا فقط بل عربيا وعالميا.    ليست هناك ضبابية بل وضوحا  لا تخطئه العين والسبب غياب المشروع اليمني الجامع وبروز المشاريع الصغيرة  التي لا ترى أي ” أرنبة أنوف أصحابها ” ناهيك عن تجاهل استحقاقات الوطن  بكل مواطنيه شمالا وجنوبا  الباحث عن  الدولة المدنية الحديثة القائمة على العدل والقانون والمواطنة المتساوية
 حذرنا وحذر كثيرون من انقسام المجتمع اليمني  خارج المشروع السياسي لأن ذلك معناه بروز النزاعات والصراعات الطائفية والمناطقية التي تجد فيها بعض القوى التي بلا مشروع مصالحها فتحشد الناس بعيدا عن المشروع الوطني  ويصبح الولاء الطائفي والمناطقي هو المعبر عن الناس بينما الأصح والحقيقي أن  المعبر عنهم هو الولاء السياسي المعتمد على مشروع سياسي اقتصادي وثقافي يلتقي فيه الناس من كل محافظات ومناطق اليمن من ” صعدة وحضرموت والمهرة وعمران والحديدة والمكلا وتعز وحجة ” كما كانوا من زمان .. فالبطء والمماطلة في معالجة تداعيات المشهد السياسي وخصوصا تلك النتوءات التي برزت أخيرا وعبرت عنها أصوات في المظاهرات والمظاهرات المضادة سيؤدي إلى تداعيات يصعب السيطرة عليها في ظل احتقان داخلي يقابله احتقان إقليمي وتبدو الصورة في المشهد العام بأن اليمن أصبحت ساحة صراع إقليمي وحروب بالوكالة تنذر بصناعة طائفية سياسية مقتية وهذا ما هو غير مقبول بل ومستهجن ومدان
  ونقول : لازالت مخرجات الحوار الوطني  صالحة لإصلاح ما أفسدته الممارسات الخاطئة في الفترات السابقة برغم تعقيدات المشهد السياسي العام شمالا وجنوبا  التي تقول بوضوح  الوحدة اليمنية في خطر حقيقي  ما لم يتم تدارك الأسباب التي تؤدي إلى تصاعد المطالبة بالانفصال وبأسرع وقت ممكن ليس على مستوى الجنوب  والشمال  السابقين بل على مستوى الشمال وعلى مستوى الجنوب كل على حدة.
واليوم يحتاج الوطن إلى قوى سياسية  مستنيرة  تضع مصلحة الوطن نصب أعينها  لعلها تصل برؤاها الواعية  باليمن كل اليمن إلى شاطئ الأمان فلم يعد أمامنا اليوم غير مراكز قوى مؤثرة وفق مصالحها وحشد وحشد مضاد وانقسام واضح وقادة مليشيات متقاتلة ومتأهبة لذبح بعضها البعض فنحن اليوم محتاجون  إلى مكاشفة  ومصارحة بين القوى السياسية بكل وضوح  لوضع حلول مزمنة  لتنفيذ اتفاق السلم والشراكة والتوجه الجاد  لإنقاذ البلاد والعباد من انقسام حاد ينذر بحروب ومواجهات على أساس طائفي ومناطقي وهذا ما تجنبه اليمنيون في كل مراحل الصراع.
   وفي ظل الاحتقان والحشد والحشد المضاد وفي ظل التنابز بالكلمات وتبادل الاتهامات  إلا إن اليمنيين  سيجدون الحل  ولديهم القدرة على التوافقات وسيديرون حياتهم وشأنهم العام  وهم اليوم بحاجة لتغيير جذري وشامل .. بحاجة إلى ثورة أخلاقية يمكننا تعريفها بأنها “ثورة  اللا عنف ”  تجمع بين السياسة والأخلاق.
فالمشهد الراهن نتاج طبيعي لبيئة سياسية رخوة بدأت منذ أكثر من عقدين بالتحديد منذ ما بعد حرب صيف 94م  التي دمرت الوحدة وهذه حقيقة لا يمكن نكرانها وطرحت بعد ذلك مشاريع متعددة  من إصلاح مسار الوحدة” مسدود ومن معه والاشتراكي ومن سانده وفيما بعد مؤتمر القاهرة ورؤية الحراك في مؤتمر الحوار الوطني وبين الأقاليم والإقليمين يظل مشروع الإقليمين في دولة اتحادية هو المخرج الأمن  
 وأخيرا : نحن اليمنيون لسنا وحدنا في خارطة المنطقة وبالتالي فإن  الخروج من هذا النفق المظلم الذي دخلنا فيه  مرهون بتوافق القوى الداخلية والخارجية فلا بد من التعايش بين الفرقاء والاعتراف يبعضهم وإدارة تفاهمات تبدأ محلية ثم إقليمية بين الكبار في المنطقة وفي مقدمتهم ” إيران والسعودية ” وفي اعتقادي أن إدراك القوى السياسية اليمنية والقوى الإقليمية والدولية المخاطر بتحويل اليمن إلى ساحة صراع ومصالح  سوف يؤدي إلى  تفاهمات وتوافق يؤدي إلى توازن قوى  نسبي  ينتج تعايشا وليس حروبا واقتتالا . حفظ الله اليمن وشعبه المكافح الصابر.

قد يعجبك ايضا