لم نهرم ولن نهزم
يكتبها: علي بارجاء
(لقد هرمنا) منذ أن قالها الكهل التونسي إبان تفتق أولى زهرة ياسمين في الربيع العربي ظننا أن ذلك الربيع الذي فاجأنا بعد خريف طويل سيحيل الأرض اليباب إلى مراع خضراء موشاة بأزهار وورود وثمار فتعود إليها العصافير والفراشات لترسم لوحة جديدة تنبئ بخير وفير وعيش رغيد وحياة هانئة.
كان لجملة (لقد هرمنا) وقع عجيب على نفوس العرب لأنها حملت دلالة جديدة فهي تندد وتنتقد عهدا من الاستسلام لنظام سياسي لم ينجح في تحقيق أقل ما ينبغي للشعب ليعيش عزيزا وكريما وسعيدا في الوقت الذي لا يستطيع هذا الشعب أن يقول في هذا النظام إلا كل ما يطيل بقاءه وعلى الشعب أن يرضى ويصبر.
كما حملت دلالة الكيفية التي يجب أن تكون عليها الدولة والنظام الجديد بعد نجاح ربيعها ليكون التغيير لصالح الشعب بعد أن فشلت ثورات التحرر العربي التي انطلقت في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين أن تكون كذلك وكانت فقط لصالح الحكام والمقربين منهم.
وتخاف شعوب دول الربيع العربي التي عبر عنها ذلك التونسي بقوله: (لقد هرمنا) أن تضطر إلى التعبير عن معاناتها الجديدة لتصيح: (لقد هزمنا) في حال لم تجد في التغيير ما يجعلها أفضل حالا وأحسن مآلا.
لم تكن مشكلة بلدان الربيع في فقرها وخلوها من الثروات البشرية والطبيعية ولكن مشكلتها في سوء إدارتها وسوء التخطيط لاستغلال مواردها لأن من يديرها يريد أن يظل هو الحاكم الأقوى والأكثر ثراء ليسود على حساب تجويع شعبه ليبقى تابعا متخلفا بلا طموح ولا آمل.
ظللنا لعهد مضى لا نرى إلا أنظمة وحكومات تقليدية ولذا ما كنا ننتظر منها أسلوبا جديدا مغايرا في إدارة البلاد يقودها إلى التحديث والتطوير والتنمية في وقت قياسي وبفعالية أكثر ولعل عدم وجود حكومات تكنوقراط ذات صلاحيات مطلقة هو السبب في كل دورات الفشل في أدائها.
الحكومة اليمنية الجديدة بدت أكثر قابلية لتحقيق ما نريده إذا توفرت لها الإمكانيات والصلاحيات وقوة القرار فهي حكومة يتمتع رئيسها وأعضاؤها بشروط القائد العدل من كفاءة ونزاهة ونتمنى أن يكون برنامج وخطط عملها قادرا على انتشال البلاد من أزماتها التي لم تسلم منها كل الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية …إلخ.
حين صرح رئيس الوزراء بأن يكون العام القادم الذي سيهل علينا بعد أيام عاما للتعليم استبشرنا خيرا وسعدنا كثيرا وتذكرنا التجربة التنموية التي اتنهجها السلطان قابوس بن سعيد في الشقيقة عمان حين انتهج في استراتيجيته لبناء السلطنة تخصيص عام كامل لكل مجال فمن عام للتعليم إلى عام للتراث … حتى استطاع أن يحقق تنمية وتطويرا في وقت قياسي فتمكن بهذه الطريقة الذكية الفاعلة من الانتقال بالسلطنة من دولة متخلفة إلى ما هي عليه اليوم من تطور وتحديث.
ننتظر من حكومتنا أن تفي بوعدها لجعل العام القادم عاما للتعليم وأن تسخر كل إمكانياتها ليكون عاما ناجحا وفي انتظار أن يخصص كل عام من الأعوام القادمة لمجال آخر وليكن العام بعد القادم عاما للثقافة والتراث فاليمن بلد الحضارة والتاريخ والتراث الثقافي العريق الثري ثم يلحقه عام الزراعة والتجارة …
لا نريد أن نشعر بأننا (قد هرمنا) أو (هزمنا) بل نريد أن نشعر بأن روح الشبيبة بدأت تعود إلينا لنبدأ من جديد حياة مليئة بالعمل والبناء وتحقيق الإنجازات.