إذا كانت المعاناة تولد الإبداع فإن الفرح يطلق نوافير الإبداع
حوار/ خليل عمر

كنتيجة حتمية لتجاذب القمر والأرض تحدث عمليتا المد والجزر فتتكون الموجات البحرية والتي تجري بصخب عارم باتجاه الأرض في علاقة ديناميكية بحتة تنم عن حالة فقد أبدي بين البحر والأرض بين الماء والتراب ليتكون في النهاية الطين الذي هو أساس وجودنا.
وما الشاعر إلا ابن هذه الأرض والناطق الرسمي باسمها تعتمل فيه تجاذبات الحياة وانعكاساتها فيقع في حالة مد وجزر تودي به إلى عوالم الشعر.
هكذا يبدأ عبدالحكيم المعلمي في تأصيل الشعر إنه شاعر بلا هوادة ولا يشبه إلا نفسه قبل أن يرتدي قصائده يختزل الربيع في عينيه فينهمر والرحيق .
إنه في حالة مد مع الحياة والواقع والناس تمضي أمواجه لتختلط بتراب الابداع فيشكل طين الشعر وصلصاله التقيناه في رواق بيت الثقافة وكان لنا معه هذا الحوار الجميل:
أول قصيدة
يا حبذا لو تحدثنا عن بداياتك كشاعر¿
كانت أول قصيدة كتبتها وانا في الصف السادس كانت عن فلسطين ولاقت تشجيعا وإشادة من أستاذ اللغة العربية رغم ضعفها وهشاشتها بعد ذلك لا أذكر أني كتبت شيئا سوى بعض الخواطر إلا أنه ونتيجة لوفاة والدي يرحمه الله في العام 1996م وجدتني أسقط في غياهب الحزن محاصرا بأسئلة وجودية وفلسفية عن الموت وماهيته وبدأت أتمتم بما يشبه الهذيان الجميل وكان هذا هو الشعر.
لقد كان كائنا أسطوريا وضيفا خياليا تسعى إلى أن يظل في ضيافتك مدى الحياة وتخاف كثيرا لو تأخر عنك.
هل يمكن أن تعرف لنا الشعر والقصيدة¿
أعتقد أن الشعر نقطة تماس بين دالتين وجودية ونفسية تولد إضاءات والتماعات روحية يجب عليك التعامل معها بسرعة واحتراف قبل أن تتوارى كالسراب.
المعاناة والإبداع
المعاناة تولد الإبداع مقولة قديمة جديدة إلى أي مدى تتموضع في واقعنا المعاش¿
إذا كانت المعاناة تولد الإبداع فإن الفرح كذلك يطلق نوافير الإبداع لا يجب أن تترسخ في عقولنا الباطنة أن الحزن والمعاناة هما الطريقان الوحيدان للوصول إلى مدائن الشعر والإبداع .يكفينا هذا الواقع الملوث بغبار السياسة وعوادم السيارات. يجب علينا أن نتلمس ونستنطق قيم الجمال ونحاول أن نجعلها واقعا معاشا في حياة الناس وهذه باعتقادي هي وظيفة الشاعر.
وماذا عن المرأة كملهمة للشعراء وشريكة آدم في الخروج من الجنة ¿
قد تكون القصيدة عبارة عن امرأة ناضجة الأنوثة بينما قد تكون المرأة قصيدة ناضحة الخيال فالجمال الروحي للمرأة أشبه بالموسيقى الداخلية للقصيدة وجمالها الجسدي يشكل بحرا شعريا فاتنا له غناؤه الرقراق والهادئ والذي يغسل حواسنا كل صباح فلكي نصل إلى جمال المرأة لابد أن نصل إلى المرأة القصيدة وإذا أردنا الوصول إلى القصيدة الباذخة الجمال لابد أن نلامس القصيدة الأنثى إنها معادلة الشعر والمرأة في كوكب كله هواء ويكاد يكون ثلاثة أرباعه ماء ونساء.
العلاقة مع القصيدة
كيف تقيم علاقتك بالقصيدة¿
العلاقة بالقصيدة علاقة مد وجزر تسودها غالبا عمليات الشد والجذب وقد تصل إلى درجة الطرق والسحب أثناء كتابة القصيدة أدخل عوالم الشعر كامل البهاء مكتمل الروح أصعد شرفات القمر وأمشي في طرقات النجوم لأعود بعد ساعات معدودة إلى القصيدة وقد خفت إحساسي بها وبدأت أنظر إليها شذرا.
أعتقد أن هذه الظاهرة صحية عمقت لدي الإحساس بأني لم أكتب القصيدة بعد كذلك لدي اعتقاد أن عدم تخصصي في مجال الأدب عند دراستي الجامعية فوت علي الكثير وهذا يحتم علي مضاعفة الجهد القرائي قد يكون هذا ما قادني إلى أن أتخلص من ديوانين كاملين راودني إحساس أنني قد أكون متأثرا بسين من الشعراء أو صدى لصاد من الأدباء تخلصت من هذين الديوانين قبل إصدار الديوان الأول.
هل كان لهذا الديوان صدى أقصد هل نال نصيبا من النقد¿
أثناء زيارتي لمعرض الكتاب في 2005م وبالصدفة المحضة كانت هناك دراسة نقدية عن الإصدارات الشعرية التي تبنت وزارة الثقافة طباعتها وأذكر ما قاله الدكتور عبدالواسع الحميري حيث راهن على ثمانية أسماء من الشعراء الشباب كنت أنا من ضمنهم كذلك لا أنسى ما قاله الأب الروحي للشعراء وشاعر اليمن الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح حيث أفرد نصف صفحة في صحيفة 26 سبتمبر للحديث عن ديواني وديوان الشاعر فؤاد العرشي حيث قال: “أشهد أن بدايات هذين الشاعرين أفضل من بداياتنا بما يقاس وبما لا يقاس وأنها لم تفاجئني وحسب بل بهرتني” هذا الكلام ألقي على عاتقنا مسؤولية جعلتني أتريث كثيرا في إصدار الديوان الثاني.
الحركة النقدية
ماذا عن الحركة النقدية هل توازي حركة الشعر الكبيرة¿
أعتقد أن جيل التسعينات وما يليه شهد ولادة حركة شعرية متنوعة ومميزة وفي اعتقادي