عن الحاجة لبقاء الهيئة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات

مهندس/ علي عبدالملك الشيباني

 - ليس خافيا على أحد مقدار وحجم الفساد المرتبط بأعمال المناقصات والمزايدات الحكومية والذي شكل وما زال النسبة الأكبر من إجمالي الفساد العام في البلاد.
فساد المناقصات عموما يأتي في مقدمة مصادر الثراء غير المشروع للمسؤولين في مخت
ليس خافيا على أحد مقدار وحجم الفساد المرتبط بأعمال المناقصات والمزايدات الحكومية والذي شكل وما زال النسبة الأكبر من إجمالي الفساد العام في البلاد.
فساد المناقصات عموما يأتي في مقدمة مصادر الثراء غير المشروع للمسؤولين في مختلف المواقع الحكومية وما الأرصدة التي نسمع عنها والقصور والسيارات التي نشاهدها والحياة الباذخة إلا نتاج لعائدات الفساد على هذا الصعيد قبل أي شيء.
من مظاهره أيضا أنه أدى إلى خلق فئة متطفلة من المقاولين والموردين ناهيك عن شركات مراكز النفوذ وأبنائهم الذين أثروا خلال زمن قياسي وعلى حساب أسماء وبيوتات تجارية لامعة انتهى الحال بأصحابها إما إلى الانتحار أو الإفلاس أو البحث عن مزاولة أنشطة أخرى.
وبرغم أن القانون يجرم ممارسة المسؤولين للتجارة إلا أن غالبيتهم امتلكوا شركات تجارية ومقاولات دون أي تحفظ أو حتى الشعور بشيء من الحياء إضافة إلى شراكة بعضهم مع آخرين وبالتالي فقد صارت المشاريع والصفقات التجارية تتم بالتكليف وبأسعار مضاعفة أو على الأقل قبض النسب مقابل خدمات من هذا النوع وكل ذلك انعكس على التكلفة المضاعفة للمشاريع وسوء التنفيذ.
من هذا المنطلق نشئت الهيئة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات إضافة إلى كونها جاءت ضمن أجندة الإصلاحات الاقتصادية التي أوصت بها مجموعة منظومة الحكم الرشيد التي تعد بلادنا عضوا فاعلا فيها ضمن العديد من الدول وكذا جاءت ضمن مخرجات العديد من المؤتمرات للدول والمنظمات المانحة كاشتراط لتقديم المنح والتعهدات وفي مقدمتها البنك الدولي حيث كانت أهم تلك التوصيات إصلاح نظام المشتريات وإعادة صياغة قانون المناقصات والمزايدات بما يتواءم مع الممارسات الدولية والأدلة الإرشادية للمانحين والاستفادة من تجربة الدول المتقدمة وبما يحقق مبدأ النزاهة والشفافية وكذا العدالة والمساواة بين المتناقصين في أعمال المناقصات وتجاوزا للقصور القائم في الأجهزة الرقابية وتعزيزا لعملية الرقابة في اليمن وضمانا لتحقيق أهداف هذا القانون وتنفيذه كان ولا بد من إنشاء هيئة مستقلة تتولى ذلك وبالفعل تم إعداد مشروع القانون رقم (23) لسنة 2007م الخاص بالمناقصات والمزايدات بمشاركة خبراء دوليين ومحليين في مجال المشتريات العامة بتمويل دولي وقد لاقى ترحيبا وإشادة من جميع ممثلي الدول والمنظمات المانحة ومن أهم ما تضمنه هذا القانون إنشاء الهيئة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات كجهاز متخصص في مجال المشتريات العامة يمارس وظائف عدة وقد روعي في إنشائه أفضل المعايير الدولية في مجال الرقابة لاسيما آلية التعيين والأداء والصلاحيات الممنوحة التي تكفل تحقيق الأهداف المنشودة وكذا ممارسة الرقابة الفاعلة في جميع مراحلها السابقة والمصاحبة واللاحقة وتفعيل الرقابة الوقائية والتصحيحية والمحاسبة وبذا تكون قد تجاوزت الأجهزة الرقابية الموجودة التي تقتصر على رقابة المحاسبة بل إن وظيفة الهيئة العليا تجاوزت الرقابة المطلقة لتمارس مهمة تطوير نظام المشتريات العامة بأركانه المختلفة.
مما سبق وبرغم الأهمية التي اكتسبتها الهيئة خلال فترة عملها للخمس السنوات الماضية بالنظر إلى كم القضايا التي فصلت فيها معيدة في ذلك الاعتبار للقانون العام ولحضور الدولة المفترض على هذا الصعيد إلا أننا فوجئنا بقيام فريق الهيئات المستقلة المنبثق عن لجنة الحوار بصياغة توصية صادمة تمثلت بضم الهيئة للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.
ولو أن فريق الهيئات المستقلة اطلع على مجمل القضايا المرفوعة للهيئة من المقاولين والموردين أو تلك المنبثقة عن الزيارات الميدانية لفرق الهيئة للجهات الحكومية الخاضعة لقانون المناقصات لما اتخذ مثل هذه التوصية ما نعتبره تجاوزا للجهد المبذول وتصويب الأداء في هذا الاتجاه خلال السنوات الماضية والحضور الرقابي الذي باتت الهيئة تشكله وسط الفئات المتضررة من فساد المناقصات والمزايدات ونقصد بها فئات المقاولين والموردين والاستشاريين الأمر الذي يحتم على الجهات المسؤولة إعادة النظر في هذه التوصية غير الصائبة للأسباب التالية:
أن توصية فريق الهيئات المستقلة جاء خاليا من المبررات التي استدعت التوصية بإلغائه مستندة فقط إلى مقترح أحد رجال السلطة التنفيذية العاملين في مجال المناقصات الخاضعين لرقابة الهيئة العليا وكان من الأجدر بالفريق أخذ المقترح بحذر لوجود تعارض مصالح واضح كما أن الفريق خلا من المتخصصين في مجال العمل الرقابي ناهيك عن أخصائيين في مجال المشت

قد يعجبك ايضا