المغترب .. نموذج لحب الوطن

دلال عبدالله

 - 
أثناء تجولي في أحد المنتزهات بالعاصمة السعودية الرياض أيام مباريات  خليجي 22  لفت انتباهي طفل صغير لايتجاوز عمرة السابعة وهو يوزع علم اليمن ويردد كلمة ارفع رأ

أثناء تجولي في أحد المنتزهات بالعاصمة السعودية الرياض أيام مباريات خليجي 22 لفت انتباهي طفل صغير لايتجاوز عمرة السابعة وهو يوزع علم اليمن ويردد كلمة ارفع رأسك أنت يماني اقتربت منه وسألته لماذا توزع هذه الأعلام فأدهشني جوابه قال لي بلهجته العامية الجميلة 🙁 عيال بلدي المنتخب اليمني وصلوا إلى الرياض معاهم ريحه بلدي لازم نوقف معاهم أبي يخيط لي هذه الأعلام وأنا أوزعها مجانا وهذا أقل شيء نقدمه لهم ) كان يتكلم بكل ثقة واندفاع وكأنه شاب متحمس وليس طفلا لم يتاجوز السابعة من عمرة مما زاد فضولي أن أتعرف على والد هذا الطفل واسمه محمد وكيف غرس في طفله الوطنية وحبه لليمن وعندما عرفت أن الطفل لم يزر اليمن إلا مرة واحدة وهو في السادسة من عمره توجهت بلا تردد إلى مقر عمل والده.
وأنا أردد جملة عاشت اليمن وعاش رجالها وعند وصولي إلى مقر عمل الطفل محمد وجدته فعلا يفصل – يخيط – الأعلام اليمنية ويقوم بتوزيعها مجانا لكل المغتربين تحدثت معه وعندما عرف بأني يمنية أعطاني علما حاولت أن أسلمه ثمن العلم لكنه رفض أن يأخذ مني فلسا واحدا وسألته كم الأجر الذي يتقاضاه في نهاية كل شهر (الراتب ) قال لي :1500 ريال فتعجبت! سألته كم تكلفة هذه الأعلام أجابني بإجابة أدهشتني قال لي: حاولت جمع مبلغ من المال لكي أزور بها بلدي لكني لم أستطع جمع المبلغ كاملا بسبب ظروف خاصة وأيضا لم أستطع الذهاب إلى الملعب للوقوف ومساندة أبناء بلدي فلم أجد إلا أن أشتري بهذا المبلغ الذي جمعته قطع القماش وأقوم بتفصيلها وتوزيعها للمغتربين اليمنيين مشجعي المنتخب الحبيب .
سألته هل اشتقت فعلا لليمن أجابني وعيناه تدمعان قائلا: اشتقت حتى لرائحة المطر حينما تختلط برائحة تراب بلدي كم هو جميل هذا المغترب اليمني وكم أفتخر بالفعل عندما أرى مغتربين يمنين بهذا الشكل وحين حديثي مع أم عبدالحكيم مغتربة مقيمة في مدينة الرياض منذ 40 عاما سألتها بعد مرور كل هذه السنين هل حبك لليمن والحنين اليها أصبح أقل من ذي قبل فأجابتني ضاحكة: (إلى آخر يوم في عمري حب اليمن لم ينقص أبدا بالعكس زاد أضعاف مضاعفة ولن يشعر بكلامي إلا من ابتعد عن وطنه لن أنسى الأرض وحرثها وبقرة أمي التي كانت تحبها كواحدة من بناتها وبنات قريتنا وتجمعنا أثناء جمع الحطب أيامنا في اليمن كانت بسيطة لكنها أجمل بكثير لأنها في أرض أمي وأبي وأرض جدي وجدتي لأنها في اليمن الحبيب ) الله ما أجمل اليمنيين في بلاد المهجر هؤلاء هم المغتربون اليمنيون فعلا مهما أبعدهم الزمن عن بلدهم يبقى حب الوطن يسري في قلوبهم مع كل نبضة تخفق في الصدور.

قد يعجبك ايضا