بين أهل الكفاءه وأهل الثقة !!!
عبدالرحمن بجاش
تصر التهاني في كل الصحف غثها وسمينها على أن ترسخ في الوعي العام مسألة هامة وهي أن أهل الثقة مقدمون على أهل الكفاءة والمقدرة, ومثلما فرضت الأخبار كلمة (( معالي )) أمام صفة من يدير وزارة فقد صار على كل من يكتب رسالة أن يبدأها بـ (( معالي )) وهذا يحول الوزراء إلى أمراء مع ما يستتبع الحالة من هالة وهيلمان على حساب الخزينة العامة, فلمإذا لا يصدر قرار من رئيس الوزراء بمخاطبة الوزراء بـ (( الأخ )) مثلما كان معمولا به أيام الشهيد الحمدي ¿¿ , والمحاولة الحثيثة للترسيخ في الوعي العام بأن (( أهل الثقة )) هم من يتبوأون المواقع ليس بسبب كفاءتهم ومقدرتهم بل لأن الثقة الشخصية هي أساس الاختيار ليتبعها الولاء كشرط خفي !! , ولأن قاعدة للبيانات غائبة تصبح المعرفة الشخصية وما يستتبعها من ولاء يؤدي إلى عدم إيجاد آلية للتقييم ومن ثم المحاسبة , لأن من تعين صاحب أعرفه وأثق به , وليس صاحب كفاءة ومقدرة لا بد من تقييم أدائه ومحاسبته وهو من الأساس وأفق على أن يتولي بينه وبين من عينه الدستور والقانون , هنا تتضح الأمور وتغيب الشخصنة وتستقيم الأمور العامة حيث هي ملك الناس , وليس الأمر مجرد دكان أو شركة يهيمن عليها القرار الشخصي , لقد ورثنا من نظام الخدمة المدنية المصري للأسف الشديد وما كان قائما في الستينيات أسوأ مافيه , حيث قدم دوما أصحاب الثقة والولاء على أصحاب الكفاءة والمقدرة – ماذا لو كنا أهتبلناها فرصة واستحضرنا نظام الخدمة المدنية البريطاني ¿¿ مع إعلان الوحدة – , حتى تشكلت فئة طفيلية صارت تتنقل في المواقع ولسنين طويلة كونها كاسماء فلدى قادة النفوذ حتى أن الوزارات وطوال السنوات الماضية منذ الستينيات تقاسمها كنسب القادة والمشائخ وتلك الأجهزة , وسرى الأمر حتى على الهيئات الإدارية للنقابات والاتحادات المهنية والجمعيات , حيث ظلت ولفترة طويلة تلك القوائم التي تفرض من قبل تلك الأجهزة حيث توزع الأسماء على الجهات , فنسبة كانت للرئاسة ونسبة لأهل الشان , ومن ينكر ذلك إنما يضحك على نفسه , الآن تقديم أهل الثقة وهو ما ترسخه وسائل الإعلام ومن كل نوع يقودنا إلى نفس الغرف التي تتحكم بالقرار , والواسطة تصبح سيد الأنام , وما لم يزكيك صاحب هنا أو هناك تظل مثل بيت الأوقاف , أعلم ويعلم غيري كم يلهث كثيرون من مقيل إلى آخر ومن باب إلى باب ومن تليفون إلى تليفون حتى إذا تعينوا تحولوا إلى وحوش يزأرون في الشوارع باعتبار أنهم تعبوا في الحصول على الموقع , ويضاربون بايديهم وأرجلهم في سبيل البقاء لأنهم نظروا وهناك من رسخ هذا في الأذهان أن أي موقع تحتله ليس من أجل الانجاز بل من أجل التكسب , ولا تنسوا مقولة (( قد أعطيناه وزارة ما عد يشتي )) !! , أعود إلى ما بدأت فاقول أن ترسيخ الثقة قبل الكفاءة لن يفضي بنا سوى إلى طريق عبارة عن دائرة كلما أمعنت في مراقبة اندفاعك فتجد انك تدور في دائرة ليس لها معالم !!!, مع هذه الحكومة التي نأمل منها خيرا نريد أن نبدأ في تأسيس شيء ما يدير الحياة , لا نريد أن نظل حبيسي ما ورثناه من جهل إداري , وفساد أدى إلى إفساد الحياة برمتها , وصارت الوساطة والواسطة والمحسوبية والنافذون وأصحاب النسب في كل شيء يخص الناس , ليصير أهل الثقة والولاء هم من يسرقون أماكن أصحاب الكفاءة والمقدرة والاقدمية والاستحقاق , وليظل من لا يستحقون سنوات طوالا يتربعون على الكراسي ولا ينجزون شيئا , بينما الكفاءات بمختلف تخصصاتها وقدراتها مرمية في البيوت , فقط لأنها لا تجيد التدليس واللف والدوران ولا المخاتلة ……