¶إجراءات الضبط ضعيفة .. وأكثر المخالفات يرتكبها متنفذون
¶ أوضاع البلد الأمنية.. جعلت العشوائيات تتمدد أكثر
¶ البناء العشوائي طال المدن الأثرية .. ولا رقابة
زيارة واحدة منك إلى الأحياء السكنية خصوصاٍ التي تقع في أطراف العاصمة كفيلة بان تجعلك ترى مدى استمرار توسع وانتشار المخالفات التي أساءت للمخطط الحضري والمنظر الجمالي لأحياء العاصمة وأضرت بمواقع الخدمات العامة والساكنين.
وتتمثل المخالفات- وفقاٍ لما قاله محمود الوجيه مهندس إشرافي في منطقة شملان- في الاعتداءات على الشوارع وعلى مواقع الخدمات العامة في مخططات الأحياء السكنية من قبل ضعفاء النفوس الذين وجدوا في الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد مناخاٍ ملائماٍ لتنفيذ هذه الاعتداءات العبثية وعدم مراعاة بعض الجمعيات السكنية عند نزول المخططات العامة الوضع القائم على الطبيعة فمثلاٍ في وادي الأعناب وحدة الجوار رقم (677) (678) التي نتج عنها انتشار العديد من المباني المخالفة للمخطط العام والتي تصعب إزالتها حالياٍ نتيجة للبناء عليها والسكن بداخلها وتعدد أدوارها ووجود شوارع قائمة على الطبيعة وغير موجودة في المخطط العام وكذا وحدة جوار رقم 662 التي يوجد بها حجز تابع لجامعة صنعاء الذي تم تنفيذه على الطبيعة فيما الجزء المتروك يوجد به عدد من المباني التي أقيمت بدون ترخيص ولا نستطيع التعامل معها بأي شكل من الأشكال.
مْدن الليل
ويضيف عادل حبيش- مهندس إشرافي بمنطقة مذبح- مخالفات أخرى توجد في مدينة الليل والجهة الشمالية من منطقة السنينة رقم المخطط (555) وحارة الدقيق بمذبح رقم المخطط (561) والمخططين السابقين نزلا بعد استكمال البناء العشوائي والذي يعتبر أكبر مخالفة ويشير إلى أن رصد المخالفات يتم من خلال البلاغات والجهود الذاتية للمهندسين الذين يتم الاعتداء عليهم من قبل المخالفين دون أن تحرك الجهات المعنية ساكناٍ تجاه ذلك وهو الأمر الذي يؤدي إلى توقف بعض المهندسين عن رصد هذه المخالفات والرفع بها في تقاريرهم.
غياب الأمن
فيما يؤكد المهندس أحمد عبدالله السنباني أمانة العاصمة وجود العديد من مخالفات الأحياء السكنية في مديرية بني الحارث ومديرية السبعين ومديرية معين وشارع 32 في عصر من قبل بعض النافذين نتيجة غياب الأمن كما أن الأحياء السكنية التي بنْيت قبل إنزال المخططات والأحياء السكنية ذات المخططات القديمة تفتقر للشوارع ومواقع الخدمات العامة مما ينبغي إعادة النظر في ذلك.
ويضيف السنباني نكتشف مخالفات الأحياء السكنية من خلال النزول الميداني إلى الأحياء ونعد محاضر الضبط والإزالة بشأنها ونوصي الجهات المعنية بسرعة إزالتها لما تشكله من ضرر بشأن الأحياء والساكنين من حيث كونها بحسب دراسة أجريت مؤخراٍ في بلادنا تعد أخطر وأهم بؤر لتفريخ المجرمين نظراٍ لبعدها عن الأجهزة الأمنية وصعوبة الوصول إليها لعدم وجود منافذ لبعض المواقع للوصول إليها سواء لمطاردة المجرمين أو في حالات ضرورية أخرى كالإسعاف وإخماد الحرائق وغيرها.
وبالإضافة إلى المشاكل الأمنية بينت الدراسة التي أعدها المهندس فيصل صالح عبيد الثعلبي القائم بأعمال مدير فرع الهيئة العامة لحماية البيئة بعدن “أن النمو العشوائي المتسارع الذي تشهده عدد من الدول النامية ومنها بلادنا ينتج عنه الكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والصحية والأمنية لافتقار هذه المناطق للخدمات الضرورية كالكهرباء ومياه الشرب وشبكات الصرف الصحي”.
المساعدة التقنية
وأوضحت الدراسة أن البناء العشوائي خارج مناطق التخطيط الحضري للمدن يؤثر على مجمل السياسات السكانية الأمر الذي يتطلب وضع حلول جذرية سريعة أهمها تزويد سكان المناطق العشوائية بالمساعدة التقنية لتحسين ظروف المعيشة والمسكن.
العشوائيات من الداخل
وتنعكس سلبيات البناء العشوائي بحسب الدراسة على تزايد المشاكل الصحية لسوء أوضاع تلك المساكن التي تجعل قاطنيها أكثر عرضة للأمراض وخاصة الأمراض النفسية الناتجة عن عدم الشعور بالاستقلالية ناهيك عن المشاكل الاجتماعية المتمثلة في انتشار الأمية والبطالة وتسرب الطلاب من المدارس وانتشار ظاهرة الزواج المبكر والبحث عن فرص عمل للأطفال نتيجة الحاجة والعوز وانتشار بعض العادات السيئة.
وأرجعت الدراسة أسباب انتشار مظاهر البناء العشوائي إلى ارتفاع نسب الفقر وتردي الأوضاع الاقتصادية وتفشي البطالة والهجرة الداخلية من الريف إلى الحضر بالإضافة إلى السياسات السكانية ذات التخطيط السكاني السلبي غير المراعية لاحتياجات المواطنين.
جوانب القصور
ويرجع المختصون في أمانة العاصمة مخالفات البناء إلى قصور إجراءات المتابعة من قبل المديريات والجهات الفنية المختصة بإعداد المخططات الحضرية والجهل بالقرار الوزاري رقم 23 لسنة 1994م بشأن لائحة مخالفات تخطيط الأحياء السكنية التي تنص على معاقبة كل من ارتكب مخالفة خطوط التنظيم المحددة أو تجاوز الإسقاطات المعينة في مخططات وحدات الجوار بغرامة لا تقل عن 2500 ريال ولا تزيد عن 3000 ريال مع إزالة المخالفة على نفقة المخالف وإضافة الرسوم المقررة قانونا ومعاقبة كل من ارتكب مخالفة في الأراضي المخصصة للخدمات والمرافق العامة بغرامة لا تقل عن 2500 ريال ولا تزيد عن 3000 ريال مع إزالة المخالفة على نفقة المخالف وأيضا الجهل بالقرار الوزاري رقم 260 لسنة 1997م بشأن لائحة التخطيط الحضري الذي يؤكد على ضرورة أن يبين المخطط الهيكلي شبكات الطرق والشوارع الرئيسية والمرافق الأساسية والخدمات العامة ومراعاة المواقع الملائمة للخدمات بما يتفق مع الاحتياجات الخاصة بنوع الاستعمال وتوفير متطلبات الاتصال بين الشوارع والمباني مع تأمين حركة المرور.
حملات ميدانية
فيما يرى المهندس سمير مبروك القائم بأعمال مدير مكتب الأشغال بمديرية معين بالأمانة أن “بعض ضعفاء النفوس يستغلون الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد هذه الأيام في البناء العشوائي خارج المخطط العام والذي جعلنا ننفذ حملات ميدانية لضبط مثل هؤلاء وإحالتهم إلى نيابة المخالفات بالتعاون مع مكتب الاشغال بالأمانة”.
وفي الجانب الأكاديمي تقول: أمال عبدالكريم العرشي استاذ مساعد بكلية الهندسة جامعة صنعاء ونائبة مدير المركز الاستشاري الهندسي نسعى إلى توجيه الطلاب لوضع الحلول لمثل هذه الظاهرة والتقيد بتشريعات البناء عند خروجهم إلى سوق العمل التي تنص على البناء داخل المخطط العام والحفاظ على الطابع المعماري الذي اشتهر به اليمنيون منذ القدم.
حلول
وترى العرشي في بعض الحلول والمعالجات حلاٍ للمشكلة والتي تتمثل بتطبيق القوانين واللوائح التي تنظم عملية البناء وتشديد الرقابة وانزال أقصى العقوبات بشأن المخالفين والحفاظ على التراث المعماري للمدن الأثرية ولصنعاء القديمة بالذات من غزو العشوائيات التي تشوه تراثنا والشكل الحضاري لمدننا.