ملوك لسماء الأحلام والأماني

رياض حمادي

 - 

في رواية "ملوك لسماء الأحلام والأماني" لهند هيثم - الصادرة عن مركز عبادي للدراسات والنشر, صنعاء 2003 - يتم استدعاء التاريخ الإسلامي من قبل ثلاث فتيات يتمت

في رواية “ملوك لسماء الأحلام والأماني” لهند هيثم – الصادرة عن مركز عبادي للدراسات والنشر, صنعاء 2003 – يتم استدعاء التاريخ الإسلامي من قبل ثلاث فتيات يتمتعن بروح مرحة وخيال جامح. العنوان يتضمن أسماء الشخصيات الثلاث: سماء, أحلام والراوية, ثم أماني التي يبدو أنها شخصية متخيلة اختلقنها في المدرسة ليوهمن مدرسة اللغة العربية بأعراض الجنون!
رواية قصيرة (89 صفحة من القطع الصغير), وزمن الحكاية فيها هو الزمن الحاضر وتدور أغلب الأحداث في مدرسة تحرم الخيال والتفكير والقراءة, وهي ثلاث تهم عقوبتها الفصل من المدرسة. في هذا الجو تدور أحداث الرواية بأسلوب مرح, فكاهي ومتهكم وتكاد تشرح ما يدور فعلا في كثير من مدارسنا حاليا وبالأخص مدارس البنات.
ولتسليط مزيد من الضوء على جو الرواية الذي يربط الحاضر بالماضي نقتبس بعض من مشاهد الرواية:
“زميلتنا عبير فصöلت بسبب إحدى روايات عبير, وثلاث بنات في صف آخر فصلن بسبب رواية لم يعرف اسمها, وعوقبت بنات أكبر منا بسبب ديوان عمر بن أبي ربيعة, فيما جرى تحقيق دقيق لمعرفة ومحاسبة المتسببات بدخول إحدى روايات نجيب محفوظ إلى “حرم” المدرسة, وسمعنا عن انتزاع أظفار بنات أتهمن بطوق الحمامة والأغرب سمعنا عمن أتöهمت بالحلاج ! … بالرغم من ذلك كانت مكتبة مدرستنا أكبر مكتبة في المدينة, وأمام الضيوف الأجانب كنا “نقرأ” في كتبها, أما حين لا يكون هناك ضيوف فهي مفتوحة على الدوام لكن الاقتراب محرم على الدوام أيضا.. لم أضبط بكتاب أبدا, ولا أحلام وسماء ضبطتا أيضا, فقط نحن وأماني نعرف أننا نخرق قانون المدرسة بلذة ونقرأ كتبا لو سمعت عنها الإدارة لأحرقت المدرسة بمن فيها.. الروايات والقصص والشعر, وكتب السياسة والاقتصاد والاجتماع والتاريخ وعلوم الطبيعة وأم المصائب الفلسفة كلها كانت محرمة, ومن مصادرنا الخاصة عرفنا أن الكتب المسموحة كانت كتيبات الأذكار والأدعية وأحكام النساء فقط !… أي فتاة لا تحفظ “كتب” المدرسة بالحرف تتهم فورا بالقراءة !, أو بتهم أشنع كالتفكير أو التخيل !” ( ص 10 – 11).
هذا عن جو المدرسة أما عن السياسة العربية فتربطها بالاهتمامات العربية الأصيلة: الرقص والغناء, منها قولها: “أيقن العرب جميعا أن الوصول إلى استعادة كافة الحقوق وإقامة السلام العادل والشامل لن يتم إلا عبر جسد شاكيرا اللولبي وصوت “آدل” الجعوري !…” (ص 74- 75).
وتربط بين الشعر والسياسة: “بعد أن طارت شهرة المتنبي في كل أنحاء العالم صار الشعر الخطاب الرسمي العربي العام..” (ص 79). وهي بهذا تريد القول بأن العرب مجرد ظاهرة صوتية!
تحلم الفتيات في هذه الرواية بفوارس أحلام تستمدها من التاريخ الإسلامي وبطريقة متهكمة, فأماني تحب عبدالملك ابن مروان, وأحلام متيمة بهارون الرشيد, وسماء تحب المتنبي, بينما ارتبط اسم الراوية بسيبويه الذي لا تكن له مودة. وهكذا ستجد الكثير من أسماء ملوك وشعراء العرب, يتم استدعاؤهم على نحو ساخر ومتهكم. وهو استدعاء للتاريخ ورجاله سيتكرر في رواية “الأنس والوحشة” حيث ستجد أن بعض فقرات وأفكار “ملوك” حاضرة في “الأنس والوحشة” بعد تطويرها وإعادة توظيفها.

قد يعجبك ايضا