نحن غرباء على العلم والعقل ونكذب بمواكبتنا للعالم
لقاء/ محمد القعود

> لدينا وفرة في الأصوات الإبداعية وندرة في الأصوات النقدية
رغم الدور الكبير والهام الذي يلعبه النقد الأدبي في خدمة وازدهار الحركة الثقافية والإبداعية إلا أن النقد الأدبي في بلادنا توارى وتقاعس عن أداء ذلك الدور وتخلف عن مواكبة الإبداع وعطاءاته المتلاحقة وجعل الكثير يتساءل عن سبب ذلك الجمود والغياب المتواصل.
وعن المشهد النقدي الأدبي في اليمن نحاول أن نسلط الضوء حول واقعه وما يحيط به من إشكاليات متعددة ومناقشة كل قضاياه وذلك من خلال لقاءات متعددة مع نخبة من المهتمين بالنقد الأدبي في اليمن.
وفي السطور التالية لقاء مع الأديب والناقد علي الفهد والذي تناول فيه العديد من الرؤى الثاقبة وناقش الكثير من قضايا النقد الأدبي وتوقف أمام العديد من جوانب مشهدنا الثقافي وفيما يلي حصيلة اللقاء:
خطاب النقد
• كيف ترى مهمة النقد والناقد اليوم في ظل المتغيرات السياسية والاجتماعية¿
– هناك موضوعات نقدية حساسة وأساسية في حياة الأفراد والمجتمعات وتتعلق بالوجود الاجتماعي أولا والإنساني ثانيا ونحن اليوم نعيش في محيط يشبه الهاوية وخطاب النقد والأدب والجمال يضيع في دوي خطابات تحرض ضد الحياة و الجمال والفن وتسعى إلى أدلجة المجتمع بالقوة قوة المال والإعلام , أدلجة طائفية لا تخلف سوى الحروب والدمار.والغالب على شعبنا الطيب أنه يخضع لأنساق تجره دون وعي إلى ما لا يصبو إليه وهذا يضع أمام الناقد وخطاب النقد جملة من المهام فممارسة النقد بكافة أشكاله الأكاديميه أو الصحفيه لم تعد تعني البتة إضفاء شرعية على الوضع الحالي للأوطان بعد موجة الربيع التي نبشت أسوأ ما في المجتمعاتو أركست أجمل ما فيها من أصوات حركت البركة وغارت ولم يعد من مهام النقد في هذا العصر الالتحاق بطبقة كهنوتية وتبرير توحشها كما لا تعني أيضا تلميع الدوغمائية بكافة صورها وأقنعتها. وبعد معرفة المحيط بعلاته ينبغي للخطاب النقدي الكشف عن الأنساق التي تكرس شكلا وحيدا ونهائيا من الحياة والإبداع ونمطا واحدا من المثقفين والثقافة وتقضي على كل تنوع جميل وخلاق. وبالكشف عن الأنساق الكبيرة التي تقف خلف الظواهر الأدبية والفكرية والتي تسببت في تردي الكتابات وتبعيتها وضحالة رؤاهاوبالتالي تردي الحياة بكل أبعادها.
من القضايا الأساسية التي ينبغي أن نأخذها بعين الاعتبار نقادا كنا أو مبدعين وكل بطريقته الخاصة وأسلوبه ظاهرة العنف بأبعادها الفعلية والرمزية ومحاربتها بشتى الوسائل التعبيرية والخطابات الجمالية والنقدية كشف خطاب الفرز الإيديولوجي الطائفي الذي يتعرض له المجتمع بكل مكوناته بدءا من الأحزاب والجماعات وانتهاء بالأفرادوالعمل على طرح خطاب بديل يلملم اليمنيين حول الثوابت التي تجمعهم وتشكل هويتهم الواحدة من تاريخ وجغرافيا ودين ولغة وثقافة.
خطاب النقد هو خطاب ثاني على الخطاب الإبداعي الأول يثوره ويضيئه من داخله ليصل إلى ذروته الجماليةوالفكريةومن خلاله بإمكان قصيدة أو أغنية أو مسرحية أن تساعد الآف المتلقين على تجاوز مطبات وعوائق في التفكير وكسر أوهام و حدوس تسببت في تعثرهم أو في اضطهادهم أو في جعلهم ضحايا عنف رمزي تسببت به العادات أو الخطابات الدوغمائية. وفي وسع الخطاب النقدي معالجة مئات المشاكل الكبيرة والصغيرة التي تخنقنا بدءا بمشاكل ضعف الهوية وانتهاء بإشكالات المظهر العام للإنسان أو لتسمح لي وانتهاء بالطبقات المتكلسة بين أسنان البعض وتحت أظافرهم.
تنوع وثراء
• الاتجاهات النقدية الحديثة هل لها حضورها الفاعل في النقد اليمني وإلى أي مدى استطاعت مقاربة النصوص الإبداعية المحلية¿
– لقد تشعب النقد الحديث إلى طرائق كثيرة لكنها كلها تكاد تجمع على الاهتمام باللغة والانطلاق منها في معالجة النصوص الأدبية والخطابات المختلفة وبالارتكاز على لغة النص سعت بعض الاتجاهات إلى مد علاقات مع حقول معرفية أخرى كالثقافة والاجتماع والنفس والبيئة وهذا التلاقح بين اللسانيات والحقول الإنسانية أنتج مناهج نقدية فاعلة مثل (النقد الثقافي) و(النقد السوسيو نصي) والنقد (الإيكولوجي) وغيرها,
ومن ينظر في عدد المتخصصين من النقاد اليمنين ومناهجهم النقدية يجد أن هناك تنوعا وثراء ووفرةفقد بعثت الدولة مئات الطلاب اليمنين ليكتسبوا هذا المعارف والمناهج الحديثة في أبرز الجامعات العربية والعالمية وهم بدورهم قد نقلوا هذه المعارف لطلابهم في الجامعات اليمنية لكن رغم كل هذا تبقى الدراسة النظرية غير كافية لإكساب المناهج وأدواتها وهجرة أعداد كبيرة من الأساتذة وإشكالات كثيرة لا يتسع المجال لذكرها وتحز في النفس تعمل على إعاقة اكتساب المناهج النقدية أو توصلها مشوهة وناقصة.
وعن مقاربتها للنصوص الإبداعية المحلية فيما أعلم فقد قدمت أط