التعليم في “وادي”.. وسوق العمل في “وادي آخر..”
أحمد عبدربه علوي
على مدى عشرات السنين الماضية فشل الخبراء والمسؤولون في حل المعادلة الصعبة للتنسيق بين التعليم وسوق العمل فالجامعات تقدم مئات الخريجين كل عام لينضموا إلى طابور البطالة.. فالخريج غير مؤهل ولا توجد مراكز متطورة لتدريبه على متطلبات السوق.. والسؤال الآن: إلى متى يظل التعليم في واد وسوق العمل في واد آخر¿ ولماذا لا يتم التنسيق بين المجالين¿ سؤال يطرحه كل مواطن على المتخصصين في مجال التعليم والبحث العلمي: كيف تربط بين تخصصات الخريجين سواء الجامعيين أو خريجي التعليم المتوسط أو فوق المتوسط وبين الاحتياجات الفعلية لسوق العمل¿
كيف يتحول الخريجون إلى طاقة حقيقية تساهم في دفع عجلة التنمية بدلا من أن تقذف الجامعات كل عام بمئات جديدة من الشباب ينضمون إلى طابور العاطلين.. في حين تبقى بعض الوظائف شاغرة بالمصانع وغيرها لعدم تقدم من يشغلها أو لعدم توافر العمالة الماهرة المدربة المناسبة لهذه الوظائف.. إلى متى يظل التعليم في واد والعمل في واد آخر¿ ومتى تهتم بإنشاء مراكز تدريب متخصصة ومتطورة كافية لإعداد الخريجين لسوق العمل على أحدث مستوى¿ لقد قلنا مرارا وتكرارا إن التدريب والتعليم الفني والمهني هو الذي يؤهل للعمل وليس التعليم فقط لهذا نحتاج إلى نظام تدريبي مواز للتعليم يقرأ خارطة سوق العمل ويؤهل الخريجين للأعمال المطلوبة والعالم كله..
الآن يركز على الوظائف في مجال الخدمات أكثر من الصناعة لأن الإنسان الآلي يمكن أن يحل محل الأيدي العاملة في الإنتاج وهذا ما يحدث في الدول المتقدمة إننا نحتاج إلى منظومة كاملة لتطوير التعليم في اليمن بهدف تخريج ناس مؤهلين في الكثير من المجالات الفنية والمهنية وغيرها لا مجرد متعلمين في مجالات غير علمية وعلوم لأن النهضة العلمية التي نسعى لتحقيقها لن تتحقق إلا بالعلم والتكنولوجيا الحديثة لهذا يجب أن نرقى بالتعليم في جميع المراحل سواء بالجامعة أو التعليم قبل الجامعي مع مراعاة إعداد الخريج ليتواكب مع احتياجات سوق العمل فاليمن بحاجة إلى عمالة ماهرة وفنيين وإداريين على مستوى عال لهذا نحتاج لكليات تكنولوجيا متطورة ونحتاج لتطوير التعليم الفني الذي يعاني من الإهمال في عصر تعمل فيه المصانع وغيرها بالكمبيوتر لا بد من الاهتمام بالتعليم والتدريب الفني والمهني من أجل إعداد عمال فنيين متخصصين ولكن للأسف أن المجتمع ينظر للتعليم الفني كدرجة ثانية وهي نظرة ظالمة لا تشجع الشباب على الالتحاق بالتعليم الفني لأن سوق العمل في اليمن الآن يتطلب خريجين في مجالات علوم الحاسوب والهندسة بمختلف أنواعها أيضا لا ننسى أن السوق يتطلب تطوير التدريس بكليات الزراعة حتى نحسن من مستوى خريجيها.
إننا لا يجب أن نضع العربة قبل الحصان فالخطوة الأولى هي إجراء دراسة حقيقية واحصائية لاحتياجات سوق العمل على المدى القريب والمتوسط والبعيد لنضع خطة للتعليم على أساسها ولكي نتلافى بعض أخطاء الماضي عندما عملنا على فتح معاهد للسياحة والفندقة بينما مجال العمل فيها محدود واندفعت بعض الجهات في فتح أقسام للإعلام في إحدى الجامعات وتخرج منها اعدادا أكبر من احتياجات سوق العمل كما انتشرت عدوى دراسة الحاسبات الآلية حتى تشبع السوق منها فأصبحنا نعاني من البطالة في بعض التخصصات التي كانت واعدة حسب اعتقاد الجميع أيضا فتحنا التعليم على مصراعيه لخريجي الشريعة والقانون حتى أصبح الكثير منهم بدون عمل بطالة ظاهرة.
حدث هذا في غياب الدراسة الاحصائية الحقيقية لسوق العمل في هذه المجالات كما وللأسف إذا نظرنا إلى كليات الحقوق لوجدنا المئات من الخريجين بلا عمل وغير ذلك من الكليات الأخرى الذين انضم خريجوها إلى طابور البطالة بالإضافة إلى إهمال التعليم الفني الزراعي والتجاري والصناعي فأصبح مستوى الدراسة فيها أقل من المطلوب ولا يواكب التقدم التكنولوجي المتلاحق في العالم من حولنا.
إننا نؤكد على أهمية التدريب والتعليم الفني والمهني لحملة الدبلومات الفنية لتوفير أيد عاملة ماهرة للعمل في المصانع والحرف التي يحتاجها المجتمع وتغيير نظرة المجتمع للعمل اليدوي .. ففي العالم المتقدم يحصل العامل المهني على أجر أكبر ممن يقوم بالأعمال المكتبية ويمكن لطلاب الجامعات أن يختاروا تخصصاتهم من خلال الإرشاد الأكاديمي وهو نظام معمول به في الجامعات في جميع أنحاء العالم ويقوم على التعرف على قدرات كل طالب لتوجيه المجال الذي يتفق مع قدراته لذلك نرى أن تبدأ الجهات المعنية أولا بالدراسة الاحصائية لسوق العمل لوضع خريطة جديدة للتعليم الجامعي مع مراعاة أن تتوافق الجامعات في بلادنا والمعاهد التقنية الفنية المهنية مع البيئة المحيطة فتركز جامعة عدن أ