مشهد
محمد المساح


كان المطر قد توقف حينها بدأ الفضاء ألق ذائب بعد أن جلاه المطر.
في لفتة عفوية وهو في السيارة استلقت أمام العين الطريق الاسفلتي تلمع بالأمواه على سطحها جلد ثعبان مرقش بالأبيض والأسود ثم ينساب في الأبعاد ميلانات.
على حواف الرصدة تلمع الحشائش بنقط المطر العالقة.
هو الوقت قبل الغروب تعبر بقايا السحاب وجه السماء.
فيبدو الأزرق صافيا.
ويمد النظر .. تبدو قمم الجبال وقد هبطت عليها بقايا سحب غمام أبيض.
تبدى المشهد أمامه ساحرا العهن المنفوش وقد استقر غلاله .. تقترب قمم الجبال متوجة وكأنها تسبح في بحر هيولي تمتزج ألوانه مع الأصيل بذلك النور الذي يخيل للمرء بأن الزمن يتوقف قليلا ليستريح.
الشمس معلقة على الحافة تختفي خلف سحابة رمادية خفيفة سرعان ما تبدأ في الأفق بهجة الألوان في ذلك الوهج الأصيلي تندفع روائح الأرض بشذى متداخل الروائح وتتومر النفس عجبا.
ما للإنسان مغتربا عن الطبيعة هذه البهجة المنعشة للروح وهي تتبدى في صدفة اللفتة أحس حينها أن النفس مأخوذة بذلك الجلال كأن يدا خفية .. أخذت بيدها وبرقة .. فطارت سابحة في الفضاء.
لم يخلق الجليل .. الأشياء عبثا لكنها النفس الإنسانية يغلبها التكرار فتقع في مدارها الكئيب وتمر الطبيعة في ايقاعاتها اللونية وموسيقى الصفاء .. والتجلي وتلك الروائع الأخاذة .. التي تدوخ البصر .. فتلامس الروح وتأخذها في فسحة تبعد الذحل.
ونكون في غفلة .. والبدائع اللونية تشكلها الطبيعة .. فوق الرأس ليتأملها هذا الإنسان الغارق في بؤسه.
صحيح قد يكون القلب مثقلا بالهموم بكدر الدنيا .. بذلك الدوران المتتابع .. الذي يقضم الروح .
لكنها النفس الغائبة في الجمع والطرح تنسينا ما حولنا .. حين تبدى له المشهد الجليل بروعته وبهائه انتبه هذا الجمال والألق.. والنفس في كهفها المتعب.
