أسئلة المجهول التجاري
خالد الصعفاني
بين الأخبار الاقتصادية غير المرضية في الآونة الأخيرة كان خبر انضمام بلادنا لمنظمة التجارة العالمية بأنه “ظاهرة فيه الرحمة” وأخشى أن يكون في باطنه العذاب .. فبعد ما يزيد عن 15 عاما من ملاحقة لجاننا المكلفة بملف الانضمام ها نحن عضو وهذا مهم لكن الأهم أي عضو سنكون ..!!
.. أدرك تماما مدى الجهود التي بذلتها اللجان , وأقدر عاليا خبرات وكفاءات من دخلوا لجان الملف أو من خرجوا منها .. لكنني أضع تساؤلات مهمة في مشهد اليمن عضو في منظمة التجارة العالمية النادي الاقتصادي والتجاري الأكبر على مدى التاريخ الإنساني ..
.. هل حمينا منتجاتنا المحلية ووفرنا لها السياسات اللازمة والمعايير الأكثر لزوما لتجد طريقها بين طوفان منتجات العالم التي تغرق سوقنا ¿.. هل كفلنا السياسات الضرورية لحماية القطاع الزراعي ووفرنا له الخصوصية المصاحبة كتلك التي حرصت عليها حتى قوى كبيرة كأميركا وأوروبا والصين ¿.. هل لدينا هيئات معنية بالجودة والمواصفات لها أمكانية تعزيز مناعة المنتج المحلي وتمحيص الخارجي قبل أن يتحول إلى قنابل موقوتة على الاقتصاد والصحة اليمنيين ¿.. وهل تفحصنا حال بنود الاتفاقيات الحاكمة للخطوة الجديدة فعرفنا بالضبط ما لنا وما علينا ..¿!
.. صحيح أطلقنا فرحتنا بقبول المنظمة لنا حتى وإن لم نستخدم في الفرحة لا “المحجرة” ولا الألعاب النارية , لكن هل نحن مقبلون فعلا على امتيازات وفرص ترفد الاقتصاد الوطني عن طريق تعزيز تنافسية المنتج الحكومي والخاص في المعركة الشرسة القادمة ..!
.. صحيح فرحنا بالانضمام لكن هل ستدوم فرحتنا بأن نسلم من المكر السيء الذي تحمله اتفاقيات المنظمة وخطواتها التالية ..!
.. صحيح أوضاع بلادنا تسجل المستوى الأدنى من القبول الاقتصادي والشعبي , ولكننا مطالبون بفرملة كل ما قد يزيد من تفاقم الوضع سوءا أو إساءة .. !
.. ومؤخرا كنت في زيارة رابعة لمصر هي الأطول هناك .. ولأن أسرتي كانت معي فكان لزاما علي أن أزور المحال التجارية بصورة مستمرة .. وكان مما خرجت به أن السوق المصرية أصبحت أكثر انفتاحا مقارنة بالسابق على المنتجات المستوردة وسرى هذا على المواد التموينية والملابس والكماليات وغيرها .. لكن ما لفت نظري أن أسعار المنتجات تكاد تنطق بأن ما هو مصري له الأولوية وكأني بسياساتهم تغذي فكرة تشجيع المستهلك داخل البلد الكبير على شراء المنتج المحلي , ويبدو هذا من خلال ارتفاع أسعار المنتج الغذائي المستورد بشكل كبير مقارنة ببديله المحلي .. وهذا يعني تشجيع المحلي والاستفادة من عوائد دخول المستورد .. يعني فائدة ” اثنين في واحد ” ..!
أخيرا :
.. السوق اليمنية ” تبغر ” منتجات أجنبية من كل نوع .. والمنتج المحلي رغم نكهته الخاصة وجودة مواده الأولية الفريدة , إلا أنه تعيس الحضور وسلحفائي الحركة باتجاه أسواق الآخرين .. وهنا يجب أن نطرح على المعنيين عشرات الأسئلة التائهة..