اليمن مفردة غائبة

عبدالرحمن مراد

مقالة


 - تدل وقائع الأحداث وشواهد الأحوال أن ما يدور في اليمن وفي عموم جغرافيتها لا يستهدفها من حيث البناء والتنمية بقدر الإعلان الصريح عن الحضور والغلبة لطرف أو كيان على الآخر لقد حضرت
تدل وقائع الأحداث وشواهد الأحوال أن ما يدور في اليمن وفي عموم جغرافيتها لا يستهدفها من حيث البناء والتنمية بقدر الإعلان الصريح عن الحضور والغلبة لطرف أو كيان على الآخر لقد حضرت الأهداف الصغيرة التي تعبر عن فئة دون سواها وغاب الهدف الكبير الذي يتسع لجغرافيا اليمن ويعبر ولو بشكل نسبي عن كل شعبها.
في خلال ما مضى من أيام رأينا كيف حضر سؤال غياب الدولة وخاصة منذ 21 سبتمبر 2014م وحضور السؤال لم يكن إلا تعبيرا عن حالة انكسارية وشعورا بهيمنة طرف دون الآخر فالذين عمدوا إلى تفكيك البناءات العامة للدولة بمزاج ثوري أو بشعور عدائي لم يعملوا على التحديث والبناء بل رأوا في التفكيك واستمرار الماضي طريقا للبقاء وقد غاب عن أذهانهم أنهم يعملون في مناخ ثوري إذا لم تكن البدائل فيه أفضل مما كان سيكون الماضي حاضرا بقدرات أكبر مما كان عليها أو يشق الجديد طريقه إلى الأفضل فالمعادلة الثورية لا يمكن لها البقاء في منطقة العنصر الخامل ومن هنا يكون سؤال غياب الدولة قديما بقدم الفعل الثوري وقد يوازي زمنا تفجر حدثه الثوري الغاضب ومن عجائب أرباب السياسة في هذا الوطن أنهم لا يرون إلا معائب غيرهم ويغضون الطرف عن معائبهم فالذين هيمنوا على لحظة الفعل السياسي بعد 2011م لم يدركوا أو يعوا سؤال غياب الدولة وحين فقدوا مفردات الهيمنة شعروا بالغياب والمعضل الأكبر أن اليمن تغيب ولا تكاد تحضر في كل الأجندات إذ أن كل طرف يحاول جاهدا أن يكون محور الارتكاز في العملية السياسية وتركيز النشاط في المحورية بمعايير القوة لا بمعايير العدل والحق والعامل الأخلاقي ضرب من المستحيل المحورية الحقيقية في القيمة العالية للجانب الأخلاقي وفي البعد الثقافي وفي قيم الخير والحق و العدل لأن القوة المادية تفنى بانتهاء المصالح لكن الأخلاق والقيم النبيلة والعدل عناصر فاعلة في ترجيح الصراعات وتمايز القوى حين تجد كل قوة سياسية مضطرة إلى استعراض نفسها أمام الجماهير أو أمام التاريخ.
لقد تجاوزنا باتفاق السلم والشراكة الكثير من العقبات التي تقف أمام حركة التحديث والثورة التي تعمد إلى التفكيك وهي تعرف الرؤية الواضحة لإعادة البناء وبما يتوافق مع المزاج الثوري الهادف إلى التمايز والشعور بالقيمة والمعنى في عالم ضبابي كاد المفهوم أن يلتبس فيه وكاد أن يجعلنا نفقد ثقتنا بكل شيء في حياتنا.
الذي أحمده وأمدحه في تموجات اللحظة السياسية الجديدة هو حضور سؤال غياب الدولة وبشكل مكثف ومركز وما أذمه وأهجوه في كل الأطراف السياسية الفاعلة أنها لا تشتغل بذات التركيز على الثنائيات كالحضور/الغياب فالغياب يطرح سؤال الحضور فحين نقول الدولة غائبة ولا تستطيع أن تقوم بوظائفها ففي المقابل يفترض بناء البحث في أسباب الإشكالية وأسباب الغياب ذلك لأن القفز على جوهر الإشكالية وأسباب الغياب لن يكون حلا لإشكالات الغياب بل تكثيف وتكريس له ومعالجة إشكالية الغياب وأسبابه هي الجزء الأكبر والفاعل في الحضور ومثل ذلك لم تدركه كل الأطراف السياسية فالذين يقولون بالغياب لا نراهم إلا عاجزين عن تعزيز عوامل الحضور بل كادت بعض الأطراف أن تكون من الفرحين به وما شكواها منه إلا نيل من خصم أو استهلاك سياسي مؤقت.
ندرك تمام الإدراك أن هناك إجماعا على هشاشة الدولة وعلى غيابها الكلي أو الجزئي وعلى شللها التام وتعطيلها لوظائفها الأساسية مثل ذلك أصبح أمرا بدهيا منذ زمن ليس بالقصير بيد أن الكل ـ ودون استثناء ـ لم يطرح مشروعا يهدف إلى تعزيز بناء الدولة بل كاد الكل أن يكون مساهما في هدم الدولة وتعطيلها من وظائفها بشكل مباشر أو غير مباشر فالذين كانت مصالحهم تقتضى تفكيك المؤسسة الأمنية والعسكرية ثم يأتون بالبديل الأفضل والأحسن لا يحق لهم مطالبة تلك الأجهزة القيام بوظائفها لأنها عاجزة والذين اقتضت مصالحهم تعطيل المؤسسة التشريعية وتعطيل دورها الرقابي والدستوري لم يكن حظهم من التعطيل إلا ما حدث في (21 سبتمبر والذين ساهموا في الخروج على المحددات الزمنية للاتفاقات والعهود هدموا الدولة وساهموا في غيابها وتعطيلها.
وأمام كل ذلك الغياب الذي كاد أن يكون سؤاله ملحا وهو لماذا الاستمرار فيه¿ لم نجد طرفا سياسيا يطرح سؤال الحضور وكل الذي شهدناه هو سؤال حضور الأطراف كل طرف يريد أن يكون حاضرا وتعبيرا عن ذاته ومثل ذلك يعزز حالات الانقسام النفسية والثقافية والاجتماعية والسياسية.
لقد وقعت كل الأطراف السياسية في الخطأ حين رأت أنها ليست إلا تعبيرا عن ذاتها وتجاوزت نقطة التعبير الشمولي عن اليمن الذي يعيش واقعا استثنائيا يتطلب من كل الأ

قد يعجبك ايضا