مرحى يا عراق 21

أ.د عمر عثمان العمودي

 - شكل السنة في حياة العراق السياسية منذ عام 1921م وحتى عام 2003م حجر الزاوية في إدارة العراق سياسيا وأمنيا وعسكريا من واقع ووفقا للظروف السياسية التي رافقت قي

ب- السنة ووضع السنة في العراق

شكل السنة في حياة العراق السياسية منذ عام 1921م وحتى عام 2003م حجر الزاوية في إدارة العراق سياسيا وأمنيا وعسكريا من واقع ووفقا للظروف السياسية التي رافقت قيام الحكم الهاشمي الملكي السني في العراق فأغلب الكفاءات السياسية والإدارية والعسكرية التي التفت حول الحكم الجديد هم من السنة ولم يحظ الأكراد بنفس امتيازات السنة بسبب توجهات بعض قادتهم السياسيين المناوئة للحكم أو المتمردة على سياساته في مناطقهم كذلك فإن شيعة العراق لم يحظوا بنفس امتيازات السنة في المجال السياسي لأن ميولهم المذهبية كانت موزعة بين الوطن العراقي وبين إيران المرجعية الكبرى لشيعة الدولتين إضافة إلى تحرز وحذر الحكم العراقي من تطلعات إيران السياسية والمذهبية في العراق وكان الاتجاه الغالب لشيعة العراق هو نحو التجارة والأعمال الإنشائية والمقاولات وقد تغير الأمر كثيرا في مجال المشاركة السياسية بعد ثورة 1958م وفي ظل حكم البعث الاشتراكي القومي العربي العلماني منذ عام 1967م وعلى أي حال فقد ظلت الهيمنة الأولى في الحكم هي للسنة وكانت قيادة صدام حسين التكريتية وأنصارها من التيارات السنية والشيعية والكردية هي المسيطرة رسميا على البلاد وعلى حزب البعث العراقي حزب الدولة والمحتكر الأول للحراك السياسي والاجتماعي.
وفي ظل النظام السياسي الحالي في العراق والذي برز وتجسد بعد سقوط صدام حسين وأركان حكمه وحزبه فإن وضع سنة العراق السياسي والاجتماعي والاقتصادي قد تقلص وتآكل كثيرا لصالح الشيعة والأكراد وهم حاليا يشعرون بالظلم والغبن والتهميش وخاصة على مستوى الواقع, وسنة العراق لا يقبلون وصفهم بالإقليمية التي عليها أن تقبل بما يعطى لها لأنهم عبارة عن ركن محوري في نسيج المجتمع السياسي العراقي ويقدرون عددهم بأكثر من 30 % من مجموع الشعب العراقي وهم من ناحية الكفاءات والكيف والنوعية في مقدمة الآخرين ولا يمكن لأحد أن يهمش وجودهم السياسي والاجتماعي والاقتصادي والحرية والحقوق والمشاركة في السلطة والثروة وهي تؤخذ ولا تعطي ولن يسمحوا للغير بأكل الجانب الأعظم من الدخل القومي على حسابهم والتنمية والنهضة وإعادة البناء والإعمار في العراق يجب أن تكون عامة وعلى أساس متوازن لكل المناطق والمحافظات العراقية.
وبموجب نظام المحاصصة والديمقراطية الطائفية التوافقية الذي يسعى غيرهم من القوى المستفيدة إلى ترسيخه فإن رئيس مجلس النواب ( السلطة التشريعية الحالية في العراق هو لسنة العراق ونواب هذا الرئيس هم من الشيعة والأكراد ويوجد لهم-أي للسنة- نائبان لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وبعض الحقائب الوزارية وهم يعتبرون الشيعة في مركز صدارة الحكم والسيطرة يليهم الأكراد الذين يسيطرون بالكامل على مناطقهم ويشاركون بفاعلية وبقوة في السلطة والثروة على مستوى الحكومة الاتحادية ومقدراتها المختلفة.
ومنطقة وسط العراق وبعض الأجزاء من شمال العراق ذات الأغلبية السنية هي مصدر السخط والمقاومة الأول على المستوى السياسي والعسكري للحكم القائم وللأوضاع السياسية القائمة في العراق منذ الشهور الأولى للاحتلال الأمريكي ولما بعد الاحتلال الأمريكي رفضا للنساء والاستغلال والاستبداد الذي مارسته وتمارسه الحكومات العراقية المتعاقبة وما لم يتم إصلاح الأوضاع السياسية القائمة على أساس العدل والإنصاف للجميع فإن العنف وعدم الاستقرار والتسيب الأمني وتبادل التضحيات الدموية سيكون هو سيد المشهد السياسي والمحرك الأول لأطراف هذا المشهد ومن يثور ويحمل السلاح على الدولة فهو لا يقوم بهذا على سبيل حب العنف وإثارة الفوضى وإنما بسبب عدم ديمقراطية الدولة وظلمها وعجزها عن إقامة العدل والمساواة وحماية الحقوق والحريات والكرامة للجميع.

قد يعجبك ايضا