تجريب جديد يبحث عن لغة نقدية جديدة

محمد الغربي عمران

أعترف بأني وقفت لبرهة متأملا أمام نصوص “الحب إنسان” بعد أن قرأتها مرتين. في القراءة الأولى لم أستوعب هذه النصوص ولم أتذوقها.. القراءة الثانية جعلني كمن يصحو من حلم غاية في الإدهاش.. أقف أمام كل نص لأدرك بأني أمام نص جديد. لأبدأ بتفعيل ذائقتي التي تعودت على النص السردي الطويل ..وإن جاء قصيرا فمن عدة أسطر.. لابدأ بفهم النص البرق.. النص المختلف كل الاختلاف.
مع قراءة كتاب جديد.. أعلق على هوامش الصفحات ما ألاحظه موضوعيا وفنيا .. لأعود لاحقا مدونا مقاربتي حول ذلك العمل من واقع تلك الهوامش.

لكنني اليوم أمام “الحب إنسان” والصادر من القاهرة في مطلع 2014م. أقف إزاء نصوصه متسائلا: من أين أبدأ وأنا أمام نص كثيرا ما مررت عليه دون تدقيق أو تمعن.. واليوم أنا أمام إصدار دون تصنيف.. وإن حاولنا تصنيفه ضمن القوالب أو المصطلحات السابقة.. فسنقع في الخطأ خاصة.. فإذا صنفناه بالشعر أو الأقصوصة.. أو الشذرة أو الخاطرة . أو النص المفتوح .. سنكون قد جانبنا الصواب.. رغم أن فيه شيئا من تلك التصنيفات ففيه من الشعر ومن القص ومن الفلسفة ومن الحكمة ومن الخاطرة…إلخ . لكنه يتفرد بخصوصية البوح .. ويؤطره الوجد. نصوص هذا الإصدار بعضها لا يتجاوز الأربع كلمات..مثل “أصعب القروض قرض العواطف” وغيره. وكذلك تأتي متوسط طول تلك النصوص السبع مفردات.. هذا جانب والجانب الآخر أن الكاتبة أكتفت بعنوان واحد لكل نصوصها ..هو “الحب إنسان” على غلافه.. ولم تضع أي عناوين داخلية لتلك النصوص التي تجاوزت المائتي وخمسون نصا!
في قراءتي الأولى اعتبرت تلك العبارات المقتضبة نوعا من التعبير الذاتي.. دفق وجداني فحسب.. أو أنها خواطر.
القراءة الثانية وجدت نفسي أتوقف مع كل كلمة .. وأمام كل جملة وعبارة.. وأعاود التفكير.. ليهمس صوتي”يا ألله كم كنت تقليديا” لأجد متعة كبيرة .. بل وسياحة مشتركة للقلب والعقل.. وإذا اجتمعا فتكون الروح هي الكاسبة.. وبذلك وجدت متعتها عبر توأمة القلب والروح في مسار واحد من الإمتاع الكامل.
حين أقول نص وأعني بذلك التوصيف أيضا مجازي.. فالنص الذي تعودناه لا يشبه تلك النصوص التي بين يدينا. فالعادة للنص عنوان.. والعادة أن معظم النصوص من عدة صفحات أو على أكثر تكثيف من عدة أسطر.
وبحكم اشتغالي بالسرد ظللت في البداية أبحث عن السرد بين نصص العطار.. بمعنى السرد القصصي.. أبحث عن خيط لأكتب عنها بعين السارد.. لكنني كمن يدخل حديقة وفي فكره شجرة أو وردة محددة يبحث عنها.. في البداية تهت باحثا عم في عقلي لأكتشف بأنني وسط ورود كثر ولكنها ليست بلون ولا بحجم وردتي.. لتبدأ تلك الأشجار وورودها بلفت انتباهي حول مكامن الجمال والدهشة فيها.. رويدا رويدا اكتشفت ما هو أجمل وأروع في نصوص العطار.. حينها بدأت ذائقتي بالاتجاه غير الأحادي إلى عالم التجديد والتنوع.
فهذه نصوص ” الحب إنسان” وقد أصلتني إلى آفاق جديدة .. لأتعلم معها بأن هناك ما هو غير القصة والشعر.. ولا أتوقف عند تصنيف عجزي بالنص المفتوح..بل أنا أمام جنس إبداعي جديد قد يجوز لي القول بأنه ولد من رحم صفحات الفايس بوك والتويتر..
وقد أسميتها تميزا بال” وجد” النص الوجد.
بعد ذلك كنت أسال نفسي: هل علي مقاربتها بلغة السرد..أم الشعر أم النص الهجين –المفتوح- حينها عرفت بأن علي التسلح بلغة جديدة لمقاربتها.. وأن علي معرفة واستيعاب مفردات جديدة للاحتفاء بها.
أقرأ نصا بعد آخر لأتوقف متأملا ذلك المزج بين الذات والآخر .. بين الفلسفة.. الحكمة ..العاطفة .. الشعر..السرد .. إلخ
لأجد أن لكل نص اختلافه .. رائحته .. مذاقه .. خصوصياته وإن جمعت تلك النصوص في سمة مشتركة هي الوجد الشذى المتوهج بحرارة القلب.. إضافة إلى أن ذلك الاشتراك منبعه روح الكاتبة .. التي خطت ذل الجوى والشذى الإنساني المتوهج.
جدل العاطفة واحتدام الإنسان المشتاق – من أنس ومثناه إنسان- أي الذكر والأنثى إنسان , إلى ذلك البوح الوضاء.. الذي يزيد في وعينا مساحات التأمل ومساحات الأسئلة ..ومساحات اللذة.
من خلال نصوص كتاب العطار اخترت للقارئ ما يزيد عن حمسين نصا.. أي بمعدل نص من كل صفحة وهي : ص 11″ أنزع عنك ثوب الخجل حين الركون إلى مهجعي..وعانقني كما تعانق الروح الجسد لحظة الانصهار” ص12 “بالأمس طفت كل الشوارع خائفة أن أعود فيتحول ضجيجي إلى استسلام” ص 13″وضعت قلبي بين دفتي ميزان وأردت أن أمضي لأني أعرف بأني إنسان” ص 14″هناك بشر خلقت لتتعذب,وبشر خلقت لتعذب, وبشر لا يستطيعون رفع هذا العذاب ولا عقاب المعذöب” ص15 ” في طلاسم الحياة هناك بشر خلقهم الله ليكونوا نقط التقاء ومفاتيح لأقفال” ص17 “في رحلة البحث عن الذات نحتاج لافتة “مغلق للإصلاحات” ص 18″وراقصت وحدتي حتى تأكدت ألا سوانا رفيق”ص 19 ” بحثت عن روحي لأعثر عليها مبعثرة بين الجمل” ص21 ” الهج

قد يعجبك ايضا