لم يكرمها وطنها فكرمها العالم
واثق شاذلي

مقال
إذا كان للامثلة من قيمة في حياتنا فلأنها تجمع خبرات عشرات بل ومئات السنين الماضية وتضعها في سطر نعرف منه ونطلع على ما ينبغي أن يصل إلينا من أسس .. نظم .. تقاليد أو معاملات وغيرها وربما مكابدات من سبقنا من أقوام والتي قد نكابدها نحن أيضا .
المثل القائل ” لا كرامة لنبي في وطنه” يريد لفت أنظارنا وأفكارنا إلى وجود أناس بيننا هم أهل خير وعمل , هؤلاء الذين ينظرون إلى وطنهم وتدهور أوضاعه والمعاناة المريرة لمعظم مواطنيهم في وقت تقوم فيه قلة بنهب الوطن وأهله .. هؤلاء تصرخ ضمائرهم إن هم واصلوا السكوت على ذلك وتشتعل الدماء في شرايينهم وتتوهج مراكز الإحساس في رؤوسهم فيتقدمون وقد وضعوا قلوبهم فوق أكفهم سواء في مجال عملهم أو مع الجماهير لوقف ما يحدث من تدهور في وطنهم وما يجري من نهب لحقوق الناس والوطن, فلا ينالهم عن هذا البذل والعطاء من قبلهم إلا الأذى والضرر غالبا أو الإهمال ومحاصرة جهودهم وإخمادها والعمل على تبديدها وذلك على اقل تقدير . هناك موظفون .. قانونيون.. ماليون إداريون يرون ما يجري من نهب لأموال وممتلكات مرافق عملهم ويحاولون كشف أهل الفساد ومنعهم عن مواصلة جرائمهم وتقديمهم للعدالة , ويتلفتون حولهم للحصول على دعم ومساندة من داخل مرافقهم فلا يجدون (وخاصة في هذه الظروف العصيبة التي نمر بها) احدا إلى جانبهم .. تهرب القيادات الكبيرة لتلك المرافق من دعمهم هو ما يجدونه لتحطيم إرادتهم وتركهم بين أنياب الإحباط بل والتهديد .
في الأسبوع الماضي نشرت الصحف ومختلف وسائل الإعلام خبر تكريم المنظمة الدولية الحقوقية غير الحكومية ” هيومن رايتس ووتش” لأربعة من نشطاء الحقوق الاستثنائية في العالم لعام 2004م وحصولهم على جائزتها العالمية المرموقة ” اليسون دي تورج” ومن هؤلاء الأربعة امرأة من اليمن هي الأخت والابنة الكاتبة والباحثة أروى عثمان , هذه التي قدمت لوطنها وشعبها ومازالت تقدم الكثير فلا تجد إلا ما يدمي الفؤاد ويفجع النفس ويطمس البصر .
المنظمة الدولية أصدرت بيانا خاصا بهذا التكريم قالت فيه :إن الجائزة منحت لأربعة ناشطين شجعان يعملون دون كلل في سبيل تحقيق العدالة في بلدانهم وحماية حقوق الآخرين وكرامتهم .. إنهم يضعون حياتهم على المحك في سبيل عالم خال من الاستغلال والتمييز والاضطهاد, وقال البيان إن الأخت اروى إلى جانب ذلك تميزت بأنها ناشطة بارزة تعمل على وضع حد لزواج الأطفال وتحقيق المساواة بين الجنسين في اليمن, وقال البيان أيضا أن أروى كانت من اشد المعارضين خلال الاحتجاجات التي جرت عام 2011م ومناداتها باحترام حقوق الإنسان.
المنظمة الدولية لم تأت بذلك من فراغ أو لملء الفراغ وهي تصف دور الأخت اروى النضالي والإنساني لكنها جمعته من فوق ارض الواقع , لقد عشت 9 أشهر من الحوار في فريق الحقوق والحريات الذي رأسته الأخت اروى ولقد قادت سفينتها بحنكة يحسدها عليها عشرات من القباطنة الرجال .. هذه المرأة الإنسانة بعقلها الراجح وايمانها العميق بشعبها ووطنها حددت أهدافها ومهامها… ضرورة إخراج الوطن والشعب من براثن التخلف والفاقة والجهل والحفاظ على حقوق الناس وخاصة الأطفال أجيال الغد والمستقبل وقادة شؤون البلد والمواطنين .
هذا التكريم كان يجب أن يأتي أولا من قبلنا نحن .. بلدها .. الذي رصدت اروى حياتها وعملها ونشاطها في سبيله , أليس هي من أسس لمشروع الموروث الشعبي منذ عام 2004م وتحملت أعباءه بل وتسديد حتى قيمة ايجار المتحف المتواضع الذي استطاعت إقامته وماذا كان جزاؤها¿ تعرض المتحف للسرقة دون حماية بل وأغلقت أبوابه تماما وأغلق بهذا جانب هام من جوانب ثقافة الشعب وتاريخه وتقاليده الجميلة. هل ستسارع الدولة ووزارة الثقافة إلى تكريم الأخت اروى عثمان وتوفر لها مقرا يليق بموروثنا الشعبي أو دفع قيمة الإيجار وهذا اضعف الإيمان.
الموضوع بحاجة إلى مزيد من الكتابة ونحن لن نتردد في جعله قيد التناول والنقاش.
Wams2013@hotmail.com