الـرسـوب مـؤلـم ومـحـبـط ونـتـمـنـى أن لا يـتـكـرر

■ تحقيق/ وائل علي الشيباني –
معلمون:
نتعامل مع الطالب المعيد باهتمام ونسعى جاهدين لمساعدته
معلمون:
المفترض تطبيق نظام الإعادة في الشهادة العامة على بقية السنوات
بقاء الطالب في المستوى الدراسي نفسه مؤلم خاصة عندما يشاهد زملاءه يتقدمون وقد يتسبب له ذلك بالإحباط بعد أن يزرع في نفسه بدون دراية رسائل تحمل في طياتها معاني خاطئة ( أنا فاشل – أنا عاجز – أنا غبي – وأنا و أنا) فإذا استمع لتلك الأصوات السلبية وتعايش معها فإن النتائج تنذر بمزيد من الأخطاء التي وقع بها في العام المنصرم أما إذا تجاهلها وشحن قلبه بالثقة بالله عز وجل وتجاهل تلك الأصوات وحاول مرة أخرى بجد فإنها ستكون البداية الناجحة… حال الطلاب المعيدين نفسياٍ وكيفية تعامل المدرسين والمختصين معهم وغيرها من التفاصيل نتطرق إليها في هذا التحقيق:

لا أريد أن أشعر بهذا الشعور مجدداٍ فقد جعلني أحتقر نفسي وأشعر أن جميع من حولي يبادلونني نفس الشعور .. هذا ما قالته الطالبة مزنا عبد الواسع طالبة في الصف الأول الثانوي عند سؤالي لها عن شعورها بعد أن عرفت أنها مبقية في مادتي التاريخ واللغة العربية. وتضيف قائلة: عندما شاهدت اسمي في كشف الرسوب بكيت حتى اقتطع نفسي وكاد أن يغمى علي شعرت بالظلم الشديد وكرهت المادتين والمدرسة خاصة عندما رأيت زميلاتي جميعهن ناجحات لذا قمت بالتسجيل هذا العام بمدرسة أخرى فأنا لم أعد أطيق أن أدرس في مدرسة ظالمة لم تكلف نفسها مساعدتي بعشر درجات في كل مادة بالرغم من أني نجحت في تسع مواد.
أما الطالب حسين حيدر طالب في الصف الثالث الثانوي قال: لا أدري ما الهدف من إعادتي العام الدراسي الجديد فأنا لم أبق سوى في مادة الفيزياء وبسبع درجات وأنا راضُ عن درجات باقي المواد. ولم يخف حسين تعجبه من وزارة التربية وتساءل: لما لا تقوم الوزارة بمساعدتي بسبع درجات وجعلتني أعيد العام الدراسي بأكمله ويختم حديثه بالقول: حتى وإن أعدت مادة الفيزياء فقط فقد ضاعت سنة كاملة من عمري بسبب سبع درجات.
حالة سيئة
محمد عبد الخالق مندوب مبيعات في إحدى شركات الأدوية ووالد الشاب أدهم يحدثنا عن الحالة السيئة التي مر بها ولده الأكبر بعد إعلان نتائج الثانوية العامة وسقوط أدهم بمادة الرياضيات ويقول: لم أشاهد ولدي مستاءٍ بهذا الشكل فمنذ إعلان النتائج وهو يلازم البيت ويرفض حتى الخروج إلى البقالة ويبكي بشكل شبه يومي وكلما حاولت تهدئته يصرخ في وجهي ويقول: دعني وشأني فأنا لست صغيراٍ حتى تخدعني بكلامك فأنا فاشل وسأبقى وأنا إلى اليوم أحاول إقناعه بأن حصوله على 37 درجة في مادة واحدة لا يعني أنه غبي وفاشل ولكن بدون جدوى ويضيف قائلاٍ: كم أتمنى من الوزارة أن تعيد الاختبار للطلبة الذين فشلوا في النجاح بمادة واحدة بعد شهر من إعلان النتائج أو حتى مساعدتهم بها بدلاٍ من معاقبتهم بالبقاء عام كامل لإعادتها.
لم يختلف حال أدهم عن وفاق -طالبة في الصف الأول الثانوي- فوفاق كما تقول والدتها رسبت بمادة الإنجليزي فقط لكن لابد لها أن تعيد دراسة عشر مواد نجحت فيها بالإضافة إلى مادة اللغة الانجليزية. وتضيف قائلة: ابنتي محبطة منذ إعلان النتائج ورفضت التسجيل وإعادة السنة لذا قمت بسحب ملفها وتسجيلها بمعهد تدريب وتأهيل المرأة بنقم وأستغرق الوقت لأيام لإقناعها بذلك.
اختلاف التعامل
تؤكد المعلمة فاطمة الأصبحي أنها تتألم عند رؤية الطالبة تجلس في نفس الصف وبنفس الفصل لأكثر من مرة وتقول: أنا كمعلمة أحاول قدر الإمكان أن أشجع الطالبة وأكثف جهدي حتى تصل المعلومة إليها بشكل يؤهلها إلى النجاح أما بقية المعلمين فهي كما تقول لا تعلم عن الطريقة التي يتعاملون بها مع الطالب المعيد وفي نفس الوقت لم تخف وجود بعض المدرسين الذين يسيئون معاملة الطالب أو الطالبة الذي يعيد السنة خاصة إذا كان الرسوب في مادتهم فهم -كما تقول- يميلون إلى تهميشهم والاهتمام بالطلبة المتفوقين وهذا من وجهة نظرها خاطئ فالطالب المتأخر عن باقي زملائه في المستوى العلمي يحتاج إلى الاهتمام أكثر من غيره.
أما عواطف العطاب مربية بمدرسة معين للبنات فإنها ترى عكس ذلك تماماٍ وتقول من الخطأ أن نعامل الطالب المعيد معاملة خاصة حتى وإن كانت بالتشجيع وغيره فالطالب ذكي ويشعر أن المعلم يعامله بتلك الطريقة من باب الشفقة لا أكثر. وتؤكد عواطف بأن الطريقة الصحيحة هي أن تعامله بطريقة عادية كباقي زملائه.
عبد الجبار فارع مدرس رياضيات للصف التاسع بمدرسة معين له معاملة خاصة مع الطالب المعيد كما يؤكد هو وباقي المعلمين داخل المدرسة. عبد الجبار يبادر بإعطاء الطالب المعيد دروساٍ خصوصية بعد انتهاء الحصص الدراسية مجاناٍ وهذا ما يعكس الروح المثالية التي يتحلى بها.
تعاون الأسرة
عائشة علي عامر وكيلة مجمع الثورة التربوي للبنات تعبر عن استيائها الشديد من فكرة إعادة الطالبة أو الطالب بسبب عدم قدرته الحصول على الدرجة المقررة للمادة كحد أدنى خاصة لو كانت مادة واحدة. وتقول: هناك فتيات يعدن السنة الدراسية كاملة بمجرد رسوبهن في مادة وهذا هو القانون في كل الصفوف الدراسية عدا الصفوف الوزارية فلو كان قانون الصفوف الوزارية يطبق على كل الصفوف ويعيد الطالب المادة أو المادتين التي سقط بها لكان الحال أفضل سواء للطلبة أو حتى للمدرسين وكذلك للوزارة لأن الطالب الذي يعيد السنة يكلف الوزارة كتب لكل المواد من جديد ويحجز مقعداٍ دراسياٍ تتحمل الوزارة تكاليفه المادية كاملة.
أما عن كيفية تعامل الإدارة مع الطالب المعيد فتؤكد المعلمة عائشة أنها تحاول جاهدة بعد توجيه المعلمين بالتعامل الخاص معه خاصة في المواد التي يسقط فيها وتحاول معرفة الأسباب التي في الغالب تكون بسبب عدم توفير أجواء تساعد الطالب على المذاكرة في المنزل. وتختم حديثها بالقول: أتمنى أن يهتم أولياء الأمور بأبنائهم خاصة المعيدين وأن يأتوا إلى المدرسة لمعرفة سبب السقوط وهذا للأسف لا يحصل فإذا كان هناك تعاون مشترك بين المدرسة وأولياء الأمور لتمكن الطالب من تفادي السقوط في العام القادم أو حتى تلافيه قبل حدوثه.
إعادة التأهيل
قبل كل شيء الطالب الذي لم يحالفه الحظ للانتقال من مرحلة دراسية إلى أخرى من الخطأ أن نطلق عليه مسمى “راسب” كما تفعل بعض المدارس عندما تعلق كشوفات بأسماء الراسبين .. هذا ما ذهبت إليه أفراح الصلوي أخصائية اجتماعية ومسئولة إعادة تأهيل الطلبة نفسياٍ. وتقول: المصطلح الصحيح الذي ينبغي أن يطلق على الطالب المعيد هو المتأخر دراسياٍ وهذا يعني أنه لم يقم بجهد مضاعف للحاق بركب الناجحين.
وتضيف أفراح: أقوم في بداية كل عام بأخذ أسماء المتأخرين دراسياٍ والمواد التي لم يتفوقوا بها بعدها أقوم بالجلوس مع المدرس أو المدرسة التي تدرس المادة التي سقط فيها الطالب لبحث الأسباب المؤدية لذلك من ثم أقوم بالجلوس مع الطالب لمعرفة ماهو السبب الذي أدى لذلك من أجل قتل الروح الانهزامية لدى الطالب وإعادة تأهيله نفسياٍ من خلال إعطائه كلمات تشجيعية وتحفيزه وإلقاء قصص عليه لأشخاص أخطأوا كثيرا ومن ثم سطر التاريخ أسماءهم. وكما تقول: الفشل لا يعني نهاية العالم بل درساٍ من دروس الحياة ينبغي الاستفادة منه لبناء المستقبل الذي سيكون حافلاٍº ومن هذا الكلام التحفيزي والمتابعة شبه المستمرة للطالبة حتى تتخلص من كل الأوهام في ذهنه وقد تختلف درجة تقبل هذا الكلام من طالب إلى آخر ولكنه غالباٍ ما يعطي نتائج إيجابية ومن لم يتقبله نحاول معه أكثر من مرة حتى يستوعب.