قراءة في المجموعة القصصية “شوارب “

بشير المصقري


تمر القراءة في الفترة من الزمن بواقع عصيب إذ بدت هذه الأداة الناقلة للمعرفة والتثقيف في وضعية ذات مدعى للانصراف عنها . . فعلى الرغم من قلة القراء حتى ممن ينتمون للوسط الثقافي والأدبي يميلون لقراءة الموجز والمختصر ويفضلون المختزل في الشعر والنثر والسرد وبأي شكل من أشكال الكتابة وأجناسها الأمر الذي جعل الكاتب يتحول إلى تلبية رغبة القارئ ولكي يظل الأخير من متابعيه فالقارئ لم يعد لديه صبر على القراءة باستثناء الروايات طبعا ..

ماعدا ذلك فقد تهافت الكتاب على تقديم الفكرة بأقل القليل من المفردات والعبارات خاصة مع انطلاق النص التفاعلي أو الرقمي على شبكات الانترنت ومواقعها الإلكترونية وفي فن القصة كجنس سردي حكائي ظهرت موجة الأقاصيص ( القصص القصيرة جدا ) فمعظم الإصدارت القصصية غدت مطعمة بهذا النوع من الأقاصيص في اليمن وخارج اليمن ولأن القصة نوع حكائي بوحي من انواع السرد فاستماعها من القاص وكتاب السرد أجدى من قراءتها في أحايين كثيرة وعلى هذا النحو استلطف المتلقون والجمهور القصص القصيرة جدا في حالة القراءة والاستماع وربما بشغف يفوق الاستماع لسرد القصص ذات الأكثر من صفحة وعلى هذا الاساس انبرت مهام شاقة أمام القصصة لحشد طاقات وقدرات وأفكار تشد القارئ للقصص الأطول وحشو الترغيب المتوج ياساليب مختلفة وخلاقة ومبهرة تجرجر القارئ إلى إفراد الإصغاء واقناع المتلقي أن القص فن مازال يكتنف عوامل استقطاب ومؤثرات تحضر وتهيئ بل وترغمه على الاستماع ببنى فنية وحبكات مدهشة تعيد الصبر إلى نفوس المستمعين ومن هذه النماذج التي تنتصر لهذا المنحى السردي الغير جانح للإختزال وغير المحمل بالتكثيف الذي يقتصر على الحدث والفكرة والمخاتلة والإدهاش والمفارقات وصدم القارئ بدون اعتبارات للشخوص والزمن والميل للإطالة مايبدو معه احتمالات صعبه ومضنية أمام القاص ويمكن استثناء تجارب ذات مراس وملكات تكسب المعركة ومن هذه التجارب مجموعة شوارب للقاصة جليلة الأضرعي والصادرة حديثا عن مطابع اليمن الحديثة والتي استطاعت من خلالها قلب الموازين وإعادة الأعتبار للقصص ذات الصفحة والصفحتبن والثلاث بإبعاد تكتنز الإثارة وتستدرج القارئ والمستمع إلى عالمها وفضائها السردي وتشده بطريقة مبهرة خاصة مع تقمصها لانفعالات شخوص قصتها لكن ذلك قد يؤثر على قراءة القصة بعد سماع من القاصة بتلك الهالة وهنا الفرق وعموما استطيع القول أن رهان القاصة نجح إلى مدى بعيد في ترسيخ نسب عالية من القبول لدى القارئ والملفت قدرتها ايضا على تجنب التقريرية والحشو ومن متطلبات ذلك التركيز والحرص الكبير على انتقاء الفكرة أولا والتعاطي معها بلغة تتطلب أن تكون مفتوجة السياق ولا تذهب بعيدأ عن المتناول اليومي والمعاش إضافة إلى جلب بنى فنية لا تتصالح مع السائد والمكرور وفي شوارب حضرت هذه الثيمات وبعناية فائقة تكشف التفرد الأسلوبي الذي يدور في فلك إبداعي أخاذ يحاول وينجح في التجريب لانتشال القارئ من فينات الملل وهذا محسوب للقاصة التي نجحت مرة ثانية في التدليل على أنها قريبة إلى حد ما لإنتاج رواية في المستقبل فقد حضرت مؤشرات تغلبها على تجاوز خطوط وقفت حائلا أمام قاصات وكتاب قصة من جيلها في ذمار ومحافظات أخرى ونجحت في فرض رؤيتها التي تنم عن سرد ينتهي بنواتج خارج المألوف وخاصة فيما يخص قضايا المرأة ومشاعرها المعبرة عن نفسيتها ورغباتها وسبل مقاومتها لواقعها الغير سعيد سواء كانت أم أو طفلة أو مراهقة أو زاهدة وربة بيت وعاملة وزوجة ومهجورة وتطرقت هذه التموضعات بإيحائية تدل على أن القاصة ليست ملزمة يقول كل ماتحتمله وتتحمله التفاصيل وذاك هذا هو العنصر الذي تقاسمته أغلب القصص تقريبا كعامل نجاح شذذب مقاصد القاصة ولو أنها لم تفتح نوافذ التأويل في معظم القصص ..
لقد تقاطع الديني بالسياسي بالإجتماعي والجنسي بالمعتقداتي والمسكوت عنه بالمباح والخيالي المرير بالوقائعي والسائد الفكري بالمنحرف المكتسب والحرياتي بالقمعي .. أنه عالم جليله الأضرعي بكل مكتنفاته الأمر الذي يبدي عقبه امساك رؤى ناقدة أو تتبع خيط يشد انطباع جامع لواحدية تمكن من تشكيل ثيمة تشرح وتحلل وتفرز وتحدد وتبعث مؤشرا يؤطر القصص ويحزمها لمرد نقدي موازي لا يبتعد عن الاشتغال الفني كالحبكة والتكنيك والإستغراقات البنائية للقصة
في نص براءة الشيطان تداخل الجنسي بالمعتقداتي فبدت بطلة القصة مستبلة القرار لتأخذ وضعية الضحية مرتين الأولى بمصادرة عواطفها عن طريق إرغامها على البقاء في حياض الرجل والثاني بإخضاعها لوجعين احدهما معنوي والآخر جسدي فالمعنوي عدم رغبتها للعيش مع من لا

قد يعجبك ايضا