مساحة..خضراء
محمد المساح
العمارات في المدينة لا تحس بالريح.. الأشجار وحدها هي التي تتبادل المودة والألفة مع الريح وبالأخص تلك الأشجار الأغصان اللينة الأعواد رقيقها.. سرعان ما تتمايل.. لهبة هواء أو دفقة ريح وذلك الزرع الفتي النامي الأخضر في تلك المساحة المستطيلة.. وحواليه الأشجار المحيطة تتحرك علفة وتتمايل كما الأشجار تلك.. تماما خلف تلك العمارات تتموضع تلك المساحة الخضراء.. ومن الجانب الموازي يحيط بها السور تلك المساحة الخضراء.. لها عالمها الخاص والطبيعي بها تتناغم.. وتتوافق مع نفسها بكل عناصرها ذات النسغ. في عالم يسوده الانسجام والتعايش.. بصمت وبدون ضجيج ربما تستغرب كيف ظلت تلك المساحة الخضراء محافظة على كيانها.. تجاه تلك الكائنات الاسمنتية والحجرية ..وكيف تبدي تلك المساحة الخضراء تسامحها النبيل.. وهي تستقبل ظلال تلك العمارات.. وهي تستلقي صباحا ومساء عبرها.. انها لا تتذمر ولا تشكو غير عابئة تماما بتلك المضايقات والتي تسبب نوعا ما حرمان تلك المساحة الخضراء بأشجارها الوديعةوزرعها الفتي النامي الذي يتفتق عن خضرة شديدة الكثافة وارتفاعاته اللينة وهي تتراقص وتتعانق مع الريح الخفيف كطفولة بشرية بدائية تأتي من عمق الزمن حيث كان الأخضر يتسيد المشهد الإنساني في بواكيره الأولى.. وفطرية وطزاجة الروح الإنسانية.
رغم تموضع تلك المساحة الخضراء بكل عفويتها التلقائية أخضرارا يريج العين ويطيب الحواس ستلاحظ أن أهل تلك العمارات.. لا يلتفتون بتأمل ونظر إلى تلك المساحة الخضراء بعالمها الجميل والنبيل انهم خلف الزجاج.. والستائر لهم عالمهم الآخر.