دراسة مقدمة للحكومة لتحويل الدعم لخدمة التنمية

أ.د/محمد أحمد السعيدي

 - لقد غطت أخبار رفع الدعم عن المشتقات النفطية على كل الأخبار سواء عبر وسائل الإعلام التقليدية أو غير التقليدية أو مقايل القات وغيرها من المحافل . ومع تزا

لقد غطت أخبار رفع الدعم عن المشتقات النفطية على كل الأخبار سواء عبر وسائل الإعلام التقليدية أو غير التقليدية أو مقايل القات وغيرها من المحافل . ومع تزايد الأزمة الناتجة عن شحة المعروض من الديزل والبنزين والغاز تزداد حدة النقاش اشتعالا والأغلبية الساحقة تقف بالصف المعارض لرفع الدعم تغذيها المعارضة السياسية . وهذا الأمر طبيعي وخاصة مع غياب المقاربة العلمية والمتأنية والرصينة و الجريئة من قبل خبراء الاقتصاد.
وقد جرت العادة في مجتمعنا أن كل شيء مفتوح للمماحكات السياسية . وفي مثل هذه المعارك السياسية تكون الغلبة لمن يمتلك الأصوات الأكثر ضجيجا وجلبة وليس لمن يقف في صف الحق والعدل أو من يملك الرؤية الصائبة . ولأن مثل هذه المواضيع التي تصبح محل اهتمام الرأي العام المغلوب على أمره بفعل الضغوط والتجاذبات المظللة فإن العديد من المسؤولين الذين يمتلكون القرار أو يتحملون مسؤوليته عادة ما يتهربون ولا يحبون إقحام أنفسهم في اتخاذ قرار يعتبرون أنه يسيء إلى سمعتهم مهما كان له من فوائد أو نتائج ايجابية تخدم المواطن .
ورغم أن مثلي قد يتجاهل الموضوع باعتبار أنه لا ناقة لي به ولا جمل كوني لست مسؤولا حكوميا ولا مكلفا به إلا إنني اعتبر أن واجبي الوطني يحتم علي التدخل لإنصاف الوطن في قضية هي من أهم القضايا والتي قد تعصف بالوطن إذا لم يتخذ القرار المناسب بالوقت المناسب . خاصة أن الموضوع في صميم اختصاصي (الاقتصاد).
ففي أي مجتمع قد تعودنا في كثير من الحالات طلب الحلول من أهلها أو أصحاب التخصص فمن يمرض يذهب للطبيب والخلافات تحل بالمحاكم و……إلخ إلا القضايا الأساسية التي تمس لقمة العيش أو مصلحة الوطن والمواطن على رغم أهميتها وحيويتها إلا أننا للأسف لم نطرحها على قضاتها وهم خبراء الاقتصاد . وعوضا عن ذلك يكون مصيرها في مجتمع كمجتمعنا أدراج ودهاليز السياسة وهو أمر يشابه المريض عندما يختار الشعوذة بديلا عن الطبيب . ولهذا فلا عجب أن نرى الحكومات المتعاقبة خلال العقدين الماضيين لا ترى حاجة لخبراء الاقتصاد. ولنبدأ بتلمس أهم إيجابيات وسلبيات الدعم:-
أولا : الإيجابيات:-
دعم الديزل يساعد في تخفيض تكاليف نقل السلع الزراعية والصناعية ومواد البناء وتخفيض أجور مضخات المياه وتوليد الكهرباء…إلخ
بينما دعم أسعار الغاز يساعد في تخفيض تكلفة الطبخ في المنازل والمطاعم والتنقل بالسيارات التي تعمل بالغاز كما يساعد في التخفيف من استخدام الحطب وبالتالي يحمي الغطاء النباتي من النفاذ ويحافظ على بقاء التربة في المناطق الجبلية .
أما دعم البنزين فهو يؤدي إلى تشجيع الحركة والسفر والتنقل بأسعار زهيدة.
ثانيا : السلبيات:-
أما السلبيات فهي عديدة أبرزها أن الدعم معناه المساعدة والمساعدة رغم أنها قرار اجتماعي ولكنها تخدم الاقتصاد أيضا لا تكون مشروعة إلا إذا كانت تذهب مباشرة للفقراء ذوي الحاجة . ودعم المشتقات النفطية لا يصل منه إلى الفقراء إلا الجزء اليسير فأغلب الدعم يذهب إلى جيوب الأغنياء ممن يملكون وسائل النقل أو من يمتلكون إمكانيات التنقل ويسرفون فيه ويساعد على زحام السيارات في الشوارع . ومن يصر على أن هذا النوع من الدعم هو للفقراء كمن يقر دعم لأحد المساكين الذي يسكن في حارة ما وبدلا من أن يتعب بالبحث عن الفقير ليسلم له مبلغ الدعم يقوم بدلا عن ذلك بتوزيع المبلغ على كل أهل الحارة على أمل أن يكون الفقير أحد المستفيدين.
فالدعم يكون مجديا بل ضروري إذا بني على أسس اقتصادية بحتة كأن يكون الهدف منه تسريع عملية التنمية أو القضاء على اختلال هيكلي معين أو لإزالة عائق أمام عملية التنمية وبعض أنواع الدعم التي تساعد القطاعات الإنتاجية على النهوض في البلدان النامية ولكن ذلك يجب أن يتم عبر وسائل تدعم القطاعات الإنتاجية مباشرة دون غيرها وتحافظ على الاستدامة مع ضمان عدم تسرب الدعم إلى غير مستحقيه . وهو أمر لم يكفله دعم المشتقات النفطية حيث الدعم بهذه الطريقة يصل إلى الفئات والقطاعات الخطأ .
وفوق كل ذلك فإن الدعم يجب أن يكون مصدره فائض الدخل أو حتى نسبة ضئيلة من الدخل أو غير مؤثرة على القطاعات الإنتاجية . وهذ أمر لا ينطبق على الحال في بلادنا فقد بلغ حجم الدعم مبالغ كبيرة تفوق إمكانات الاقتصاد الوطني بل شكلت عامل إعاقة دائمة لنموه وخاصة أنها ترافقت مع تزايد الإنفاق وانخفاض الدخل لأسباب معروفة .
لقد حاولت الحصول على أرقام مؤكدة من وزارة المالية ولم أتمكن من ذلك ولكن قيل لي من أحد الأصدقاء إن دعم

قد يعجبك ايضا