رمضان شهر الجود والإنفاق
الشيخ/ نشأت الجوهري الشرقاوي
رمضان هو شهر الجود والكرم والسخاء والإنفاق فالنفوس في هذا الشهر تقرب من مولاها وتبعث إلى ما يزكيها ويطهرها من شحها (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) ولقد جاء في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما إنه قال (كان رسول الله أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل في كل ليلة فيدارسه القرآن فرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة).
أيها المسلمون للجود والكرم والسخاء والصدقة في هذا الشهر الكريم خاصة وفي كل العام فضائل لا تحد من هذه الفضائل:
إن الصدقة تطفئ غضب الرب جل وعلا وتدفع ميتة السوء وتدل على الإيمان وصدق العبودية لله والثقة في الله تعالى وفي رزقه وحسن الظن بالله كما أن الصدقة والإنفاق دليل على الرحمة والشعور بالآخرين من خلق الله الفقراء كما أنها سبب في تيسير الأمور وتفريج الكربات وإعانة الله تعالى لعبده ففي الحديث “والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه” . كما أن الصدقة مدعاة لزيادة المال ونزول الخيرات وحلول البركات وهي سبب لظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظل الله تعالى في الحديث “سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ومنهم ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه” . كما أن للصدقة أثرا كبيرا في دفع البلايا ولو كانت من فاجر أو كافر. والصدقة تشرح الصدر وتفرح النفس كما قيل (المتصدق كلما تصدق أنشرح قلبه وقوى فرحه وعظم سروره). كما أن للصدقة أثرا كبيرا في شفاء الأمراض والعلل وفي الحديث (داووا مرضاكم بالصدقة وحصنوا أموالكم بالزكاة).
ومن فضائل الصدقة أنها سبب للخلف من الله تعالى قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ما من يوم يصبح فيه العباد إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا) متفق عليه.
كما أن للصدقة فضلا في صيانة الأعراض ونباهة الذكر وائتلاف القلوب وتأكيد راية الإخاء ولها أثر في كثير من الصفات الكريمة . كما أن لها أثرا في القضاء على كثير من الصفات المرذولة كالحسد والكبر كما أن لها أثرا في ستر العيوب قال الإمام الشافعي رحمه الله:
وإن كثرت عيوبك في البرايا
وسرك أن يكون لها غطاء
تستر بالسخاء فكل عيب
يغطيه كما قيل السخاء
وكذلك فإن السخاء يقرب العبد من الله كما في الحديث “إن السخي قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة والبخيل بعيد من الناس بعيد من الله قريب من النار”.
كما أن الإنفاق والجود والسخاء يتصل بصفات كريمة أخرى فالسخي يأخذ بالعفو ويتحلى بالحلم ويتحرى في معاملاته على الإنصاف ويؤدي حقوق الناس من تلقاء نفسه وكذلك السخي متواضع وهو أقرب الناس إلى الشجاعة وعزة النفس لأن الإنسان يخسر الشجاعة والعزة بالحرص على متاع الحياة الدنيا وبإمساك المال والحرص عليه.
وأعلم أخي الكريم أن الناس يتفاضلون في الإنفاق والجود فليس الكل في درجة واحدة فهم يتفاضلون على قدر هممهم وشرف نفوسهم فمن ينفق في السر أكمل ممن ينفق في العلانية أمام الناس فالأول أتقى لله وأرضى: يقول الله تعالى “إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) .
كذلك يتفاضل المنفقون من جهة استصغار ما ينفق فالذي ينفق الخير وينساه أو يتناسى أنه أنفق هو أسخى من الذي ينفق ويذكر ويتباهى بما انفق.
كذلك من ينفق على كل الناس من عرف ومن لم يعرف هو سخي كريم أفضل من الذي ينفق على من يعرف فقط.
وذكر بعض العلماء أن من أفضل الناس درجة في الإنفاق والجود من يرى أن الفضل والمنة هي لمن جاء يطلب منه الصدقة حيث أحسن به الظن وتكرم عليه لذلك ينسب لابن عباس رضي الله عنه القول:
وكان له فضل علي بظنه : بي الخير إني للذي ظن شاكر.
فهو يرى أن الفقير أحسن إليه حين اختاره من بين الناس وسأله لأنه بذلك يرفعه إلى درجة عظيمة على غيره من الناس.
هذا فضل الصدقة عامة وللصدقة في رمضان مزية وفضل غير ذلك من هذه الفضائل:
1- الاقتداء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم فالمنفق في رمضان يتشبه بالنبي في جوده وكرمه في شهر رمضان الكريم.
2- إن الصدقة على الصائم إعانة له على الصيام والنبي يقول (من جهز غازيا في سبيله الله فقد غزا).
3- إن الصدقة على الصائم تفرغه في رمضان للعبادة بأن تكفيه المؤنة والسعي على المعاش فمن وجد قوت يومه تفرغ قلبه للعبادة ومن انشغل بطلب المال والمعاش انشغل عن كثير من العبادات خاصة في رمضان.
4- في الصدقة على الصائم رحمة له ورفقا بحاله والرحمة خلق عظيم كما قيل (الراحمون يرحمهم الرحمن . ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) وفي الصدقة على الفقراء في رمضان صيانة لهم عن السؤال والطلب في هذا الشهر الكريم من أشهر العام.
5- في الصدقة في رمضان ثواب أ