حكومة الوفاق.. للمستقبل الفلسطيني

عبد الحليم سيف


ها.. قد أعلنت حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية على الملأ وأدى وزراؤها اليمين الدستورية أمام رئيس دولة فلسطين محمود عباس في مقر الرئاسة بمدينة رام الله أول من أمس الاثنين وسط أجواء مفعمة بالحماس والتفاؤل والفرح والابتهاج عمت أرجاء الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس المحتلة لتبشر العالم بانطلاق مرحلة جديدة على طريق إعادة لم الشمل الفلسطيني ووصل ما انقطع من علاقات مع استعادة وحدة النضال و بعث روح الأمل في شرايين الفلسطينيين بأطيافهم السياسية وأعمارهم المختلفة ليمتطوا صهوة المقاومة المشروعة لمواجهة الاحتلال لإجباره على أن يدفع من جوف “النتن” ما ابتلعه من أراض زراعية وجبال وهضاب إلى قلاع وآثار ومقدسات إسلامية ومسيحية تمتد من رأس العامود وجبل أبوغنيم وحتى الخليل في الضفة.. ومن يافا ونابلس إلى الجليل تمهيدا لمعانقة مجد الانتصار والحرية والاستقلال والعودة من المنافي ومخيمات الشتات إلى أحضان الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف. وهذا ما لخصه أبو مازن في إشارته إلى أن تشكيل الحكومة بمثابة إعلان نهاية للانقسام الطويل الذي الحق الضرر بالقضية الفلسطينية مؤكدا في ذات الوقت على أن استعادة وحدة الوطن واستعادة وحدة المؤسسات ووحدة الشعب ستبقى عصية على الانقسام.
وفي ضوء ما سبق علينا أن نحسن الظن بأن حكومة الوفاق الفلسطيني التي ولدت بعد مخاض عسير بـ 16 وزيرا من التكنوقراط وأصحاب الكفاءة جاءت ثمرة ناضجة لاتفاق غزة التاريخي للمصالحة وحاجة فلسطينية داخلية وليست كما يقال تمت بفعل تطورات خارجية وإقليمية دفعت ” حماس” للقبول بالمصالحة بعد فقدانها لسند “الأخوان ” في مصر وكذا فقدانها للمظلة سورية وتراجع العلاقات مع إيران أو شعور ” فتح” بعدم جدوى الاستمرار في مفاوضات عقيمة مع الجانب الإسرائيلي .
وفي هذا السياق من الطبيعي أن تواجه حكومة الوفاق تحديات من العيار الثقيل يأتي في طليعتها الصلف الصهيوني وغطرسة نتانياهو رئيس الحكومة الفاشية الذي يواصل نشر “غول الاستيطان” في الضفة الغربية والقدس المحتلة علاوة على حبك المؤامرات لعرقلة حكومة المصالحة من خلال إجراءات تشديد الحصار ومنع تنقل الوزراء بين القطاع والضفة ومصادرة عائدات الضرائب الفلسطينية وهناك تحدي التراكمات المتشابكة والمتورمة الناجمة عن السبع السنوات العجاف ابرز معالمها الصعبة والقاسية ترتبط بحياة الفلسطينيين اليومية فمن تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة بنسب مخيفة فضلا عن تفاقم أزمات الكهرباء والمياه والوقود والأدوية جراء الحصار وإغلاق المعابر وغيرها من المنغصات.
وفي مواجهة تلكم التحديات مطلوب من حكومة الوفاق البدء بخطوات عملية تفرضها طبيعة المرحلة الراهنة منها :
– الإسراع في توحيد الوزارات والمؤسسات السياسية والاجتماعية والأجهزة الأمنية والشرطة المشطورة بين الضفة والقطاع والإزالة التامة لكل مظاهر التشرذم والممارسات الانقسامية الفتحاوية والحمساوية .
– توحيد مواقف حركتي “حماس” و”فتح” والفصائل الأخرى حيال المشروع الوطني المتمثل في برنامج منظمة التحرير الفلسطينية.
– توحيد الخطاب السياسي والإعلامي وان تتحدث الحكومة بلسان الشعب الفلسطيني وليس بلسان أحزاب وفصائل وأن يتصرف الوزراء كمستقلين وكأعضاء في حكومة وحدة وطنية فلسطينية وليس غزاوية أو ضفاوية .
– تحقيق الوئام والعفو والمصالحة الاجتماعية بين الفلسطينيين من خلال معالجات لتداعيات الاقتتال الدموي في قطاع غزة عام 2006 وامتداد آثارها إلى الضفة الغربية.
– المضي قدما في انجاز ما تم التوافق عليه من قضايا مع استمرار الحوار بين “حماس “و “فتح” لوضع حلول توافقية للملفات العالقة المتصلة بمسائل معقدة وحيوية مثل.. التنسيق الأمني مع إسرائيل وقضية الأسرى والشؤون الدينية الأوقاف .
– تهيئة الساحة الفلسطينية بخلق مناخ ايجابي بدءا من الاتفاق على النظام الانتخابي الذي من شأنه التمهيد لأجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل شفاف وذلك بعد ستة أشهر من إعلان الحكومة .
– وفي موازاة تلك الخطوات لابد من توظيف الترحيب الأوروبي والأميركي والروسي والصيني والعربي والأفريقي والآسيوي بحكومة الوفاق الوطني بشكل ايجابي وهذا بحاجة إلى إستراتيجية فاعلة ومؤثرة للتحرك الإقليمي والدولي تستهدف حشد الرأي العام العالمي لصالح القضية الفلسطينية العادلة ومستقبلها وكذا تعرية المواقف الإسرائيلية المعادية للتسوية السلمية وكشف الممارسات الإرهابية والإجرامية لسلطات الاحتلال التي تتنافى مع القانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة.
إن شواهد التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني عديدة ومتجددة تمتد من الماضي البعيد إلى الحاضر اليومي وتتنوع ب

قد يعجبك ايضا