قدر الإنسان

محمد المساح


يكتب “فؤاد كامل” مترجم رواية قدر الإنسان للروائي الفرنسي “أندريه مالرو”:
إن عالم (مالرو) يتخلق في القلق واليأس وشخصيات رواياته تصل إلى الوعي بذاتها في تجربة تكشف لها عن عبثية العالم ووضاعة المصير.
وهذا الإحساس يمتزج في الوقت نفسه بيقين لا ريب فيه وهو أنه لا مهرب وأن هذه اللحطة وهذه الحياة التافهة هما لحظتنا الوحيدة, وحياتنا الوحيدة.
ويقول أحد أبطال (مالرو) الحياة لا تساوي شيئا ولكن شيئا لا يساوي الحياة.
فقد كان (مالرو) من أوائل الكتاب الذين أعتقدوا أن البشرية في هذا العصر موعودة للمأساة وأن المأساة هي ذلك المصير الساخر الدامي لعالم يعتقد أنه جدير بالسعادة.
والمشاهد الغريبة البشعة التي تزخر بها رواياته (قدر الإنسان) (الأمل) (عصر الاحتقار) قد أصبحت الآن من الوقائع المألوفة جدا في عالمنا.
يصف (مالرو) موت أحد أبطال الرواية وهو (كيو).
وما قيمة حياة لا يقبل المرء أن يموت في سبيلها¿ ومن السهل أن يموت الإنسان, حين لا يموت وحيدا إنه موت مشبع بهذه الرجفة الأخوية بهذا الجمع من المهزومين الذين ستعترف بهم الجماهير على أنهم شهداؤها أسطورة دامية ستتألف منها أساطير ذهبية كيف يمكن ألأ ىيسمع ـ والموت مطل عليه فعلا ـ هذه الهمسة من التضحية الإنسانية التي تهيب به قائلة إن قلب الإنسان الباسل ملاذ للموتى لا يقل قدرا عن الروح¿ وكم تسأل مرارا.
أيموت في يسر¿
وكان يعلم أنه لو قرر أن يقتل نفسه فسيقتل نفسه ولكن لما كان يعرف عدم المبالاة الضارية التي بها تميط لنا الحياة القناع عن أنفسنا فإنه لم يكن بلا قلق بشأن اللحظة التي سيسحق فيها الموت فكره بكل ثقله دون رجعة.
كلا إن الموت يمكن أن يكون فعلا مجيدا والتعبير الأسمى عن حياة ما أشبه هذا الموت بها كما أنه يعني الإفلات من هذين الجنديين اللذين يقتربان منه في تردد.
يصف حالة (جيسور) الأب:
(ثمة شيء جميل في أن يموت الإنسان) بهذا حدث نفسه وأحس بالألم الجوهري يرتعش في نفسه والذي تحاول الحياة أن تنتزعها منه وكان يستطيع أن يتحاشاه ولكن على شرط أن ينقطع عن التفكير فيه بيد أنه كان يغوص فيه أكثر فأكثر وكان هذا التأمل المذعور هو الصوت الوحيد الذي كان يمكن أن يسمعه الموت كان هذا الألم لكونه إنسانا والذي ملأه إلى أعماق فؤاده.
كان هو الخطاب الوحيد الخليق بأن تسمعه جثة ابنه المقتول.

قد يعجبك ايضا