نكـــــبة فلسطــــين .. استثنائية الحـــــزن !
عبـــاس غالــــب
منذ أيام قليلة مرت الذكرى السادسة والستون لنكبة فلسطين المشؤومـة .. وهي مناسبة يتذكر فيها الضمير الإنساني الحي بشاعة المؤامرة وعد ((بلفور)) والدوائر الصهيونية العالمية لإخراج الفلسطينيين من أراضيهم عنوة وغرس كيان عنصري ما يزال – حتى اليوم – يمارس جرائم البطش والعدوان والاحتلال والتهويد للمقدسات الإسلامية والمسيحية على حد سواء ودون استجابة للمساعي الأممية في تحقيق السلام وتطبيق حل الدولتين الذي حظي بإجماع الأسرة الدولية .
أما وقد مرت ذكرى النكبة الحزينة لا بأس من الإشارة هنا إلى تلك المتغيرات التي طرأت على مشهد التسوية بعد مرور كل هذه العقود اختراق جدار الصمت الدولي.. وذلك من خلال الاعتراف بالدولة الفلسطينية ضمن مؤسسات وهيئات الأمم المتحدة إذ يعد ذلك من أهم الخطوات التي حققها المفاوض الفلسطيني خاصة وهو يتخطى سياج الحصار الصهيوني الذي ظل ردحا طويلا من الزمان يحول دون اعتراف الشرعية الدولية بانضمام دولة فلسطين إلى عضويتها .
ومما يخفف الحزن قليلا من معاناة الفلسطينيين أن تأتي هذه الذكرى الحزينة مع البادرة الإيجابية في عبور حركتي ((فتح)) و ((حماس)) لنهر المقاطعة التي فصلت الضفة عن القطاع طيلة عدة أعوام حيث أن هذا التوافق بات يشكل حاله إيجابية في المشهد العربي المأزوم وتحديدا إثر المعلومات التي تؤكد تشكيل حكومة وفاق لإدارة المرحلة المقبلة من الاستحقاقات التي تفرضها مستجدات التعامل مع المفاوض الإسرائيلي ومتطلبات التسوية العادلة وفقا لقرارات الشرعية و مرجعيات السلام.
وليس غريبا أن يتوقف عديد المحللين والمراقبين أمام سلبية مـوقـف سـلـطة الاحتـلال الرافض لحالة التوافق الفلسطيني والتي ظلت خلال الفترات المنصرمة تشهد تحفظات إسرائيلية من أن هذا الانقسام لا يساعد على استئناف مفاوضات السلام .
إن هذا الاستهجان الإسرائيلي يبرز مجددا مع انتهاء حالة القطيعة بين الفرقاء الفلسطينيين .. وهو ما يؤكد عدم جدية المفاوض الإسرائيلي الإلتزام بمضمون السلام وإنجاز التسوية العادلة المدعومة أمميا وبرعاية واشنطن والعواصم الأوروبية !
مع كل ذلك فإن تعزيز موقف التلاحم الوطني الفلسطيني سوف يكون له إبلاغ الأثر في العجيل بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة سواء في إطار اتساع الاعتراف بشرعيتها داخل هيئات الأمم المتحدة أو في استمرارية تواصل الضغط الأميركي والأوروبي على حكومة الاحتلال الإسرائيلي للقبول لاستئناف المفاوضات وعلى قاعدة الحل العادل والدائم للقضية الفلسطينية بأضلاعها الثلاثة حدود عام 1967م والعاصمة القدس الشريف وحق اللاجئين في العودة .
والخلاصة في سياقات هذه التطورات ذات الصلة بالتسوية لابد من تسجيل أمرين كل منهما على جانب كبير من الأهمية حيث يرتبط الأول بأن قاعدة الدخول في هذه المفاوضات ضمن حكومة توافق بين الفصائل الفلسطينية هو أكثر فعلا وتأثيرا من ذهاب ((السلطة)) بمفردها إلى هذه المفاوضات . كما يمكن تسجيل ملاحظة أخرى تختبر مدى جدية المفاوض الإسرائيلي وعما إذا كان الأنسب في التفاوض مع كتلة وفاق أم طرف فلسطيني بعينة قد لا يقوى على الصمود في الحفاظ على مضمون هذا الاتفاق.. وهو ما يضع المفاوض الإسرائيلي أمام امتحان حقيقي يذكر الأسرة الأممية بأن حكومة إسرائيل غير جدية في الالتزام بمجمل هذه العملية وإن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد مخاتلة وتضيعا للوقت !!
..