حاجة الجنوب الملحة لحامل سياسي لمخرجات الحوار الوطني
د.عبدالله لملس

المحور الرئيسي في مؤتمر الحوار الوطني الشامل كان للقضية الجنوبية والتي شكلت المفتاح الرئيسي لحل بقية القضايا المعروضة على جدول أعمال المؤتمر الذي استمر لمدة عشرة أشهر وخرج بمخرجات دستورية وقانونية وإجرائية تشكل خارطة طريق لمستقبل الدولة في اليمن وتضع اليمن على طريق مستقبل مشرق وجديد وآمن ومستقر إذا اخلصت نية جميع القوى السياسية والاجتماعية بالعمل الجاد على تنفيذ تلك المخرجات وتخلت عن أنانيتها بالحفاظ على مصالحها على حساب مصالح الوطن العليا .
لعبت القضية الجنوبية الدور الحاسم في تحقيق نتيجتين رئيسيتين وعلى مستويين:
فعلى المستوى الوطني : كان للقضية الجنوبية الفضل في الوصول إلى توافق القوى السياسية والاجتماعية المشاركة بتغييير شكل الدولة من دولة مركزية شديدة ومتحكمة في كل شيء إلى دولة اتحادية تتكون من ستة أقاليم أربعة في الشمال واثنان في الجنوب دولة اتحادية مدنية حديثة يسودها العدل والمساواة وسيادة القانون والحكم الرشيد إضافة إلى ذلك توافق المشاركين في المؤتمر على توزيع الثروة والسلطة بشكل عادل والتي كانت سببا رئيسيا لكل الخلافات والصراعات السياسية التي شهدها وعاشها واكتوى بنارها الشعب اليمني خلال الخمسين عاما الماضية .
وعلى مستوى الجنوب : تحققت للجنوب شراكة حقيقية وفعلية في السلطة والثروة لم تحققها اتفاقية الوحدة عام 1990م ولا وثيقة العهد والاتفاق في عمان بالأردن عام 1993م ولن تحققها حتى أي حرب يكون فيها الجنوب منتصرا ويجرى الحوار والتفاوض بعدها فلن يتحقق ما تم تحقيقه بالحوار المدني والسلمي . هذه الشراكة التي تم تجسيدها في قرارات مؤتمر الحوار الوطني الشامل من خلال مخرجاته عبر الفرق التسع وفي وثيقة الضمانات ومن تلك القرارات مبدأ المناصفة بنسبة 50% للجنوب خلال الفترة الدستورية الأولى التي ستبدأ بعد الانتخابات الشاملة التي ستجرى بعد الاستفتاء على الدستور في غضون عام هذه الانتخابات التي ستؤسس لقيام الدولة الاتحادية اليمنية الجديدة .
شارك الجنوب في مؤتمر الحوار الوطني بنسبة 50% من قوام المشاركين ومثل الجنوب طيف واسع من القوى السياسية والاجتماعية التي توصلت إلى قناعة بأن الحوار الوطني وسيلة سلمية لتحقيق آمال وأحلام وطموحات الجنوب بدولة عادلة وآمنة ومستقرة… وينبغي الإشارة هنا إلى أن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لم تنص على تمثيل الجنوب بنسبة 50% وحل القضية الجنوبية وردت في البند الخامس من الآلية التنفيذية إلا أنها تحولت من البند الخامس إلى القضية المحورية الأولى في مؤتمر الحوار الوطني وينبغي على أبناء الجنوب أن يدركوا أن هناك جنديا مجهولا وراء كل ماتحقق للوطن بشكل عام وللجنوب بشكل خاص ذلك الجندي المجهول هو فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي الذي عارض بعض أبناء الجنوب انتخابه لا بل منع البعض منهم الصناديق الانتخابية من دخولها إلى مناطقهم .
اليوم وبعد كل هذه النتائج التي تحققت للجنوب واستعادت دوره ومكانته في يمن اتحادي آمن ومستقر مستقبلا إن شاء الله.. هذه المخرجات والحفاظ عليها والدفاع عنها وحمايتها وتجسيدها على أرض الواقع بحاجة إلى حامل سياسي وأداة سياسية تحمل هذه المخرجات على عاتقها وتحوليها إلى برنامج سياسي يعمل على ترويجها وتسويقها وتنفيذها ويكون ممثلا للجنوب في السلطات الاتحادية ويحمل على عاتقه آمال وطموحات أبناء الجنوب ويشارك في العملية السياسية والانتخابية على أقل تقدير في المراحل الأولى لتأسيس هذا الحامل أن تكون على مستوى الأقليمين الممثلين للجنوب .
اصطدم المشاركون من أبناء الجنوب في مؤتمر الحوار الوطني بمخلتف انتماءتهم السياسية والاجتماعية بمواقف بعض القوى السياسية المشاركة في الحوار والتي لايهمها إيجاد حل سياسي ووطني للقضية الجنوبية وإنما كان همها الحفاظ على مصالحها وديمومتها ومن هنا تبرز الحاجة الملحة اليوم لوجود حامل سياسي لمخرجات الحوار الوطني في الجنوب .
كنا نأمل أن يخلق مؤتمر الحوار الوطني فرزا واصطفافا سياسيا جديدا وينتج عنه قوى سياسية جديدة على أساس من المواقف تجاه القضايا الوطنية والسياسية والاقتصادية إلا أن ذلك لم يتحقق وخرجت القوى السياسية التي دخلت إلى المؤتمر هي نفسها بعد اختتامه ومن هنا تبرز الحاجة إلى وجود حامل سياسي في الجنوب لما تمخض عنه مؤتمر الحوار.
لذلك على أبناء الجنوب – بمختلف شرائحهم وانتماءتهم السياسية والاجتماعية وفي المقدمة منهم المشاركين في مؤتمر الحوار – أن يدركوا أن الزمن يمر بسرعة وعليهم الإسراع في التواصل والتداول والتشاور والتحاور على تشكيل حزب أو تنظيم أو حتى إتحاد لقوى سياسية يجمعهم ويمثلهم في الاستحقاقات السياسية والانتخابية القادمة .. الفرصة سانحة ..