مواقف “اخلاء العهدة”
خالد القارني
بلغ الغش في السياسة زمن شعوبنا العربية مبلغا لم يعهده تاريخنا القديم والوسيط ولا حتى القريب هذا الغش وصل اليوم درجة جعلت قضايانا الوطنية كسلعة يتاجر بها ابناؤها في سوق النخاسة كما كان يباع ويشترى العبيد في اسواق فينا.. تاك توصيف مختصر للواقع الراهن.
اما من الناحية الموضوعية فإننا نجد ان الغش السياسي يمتلك اليوم حضورا فائقا متماهيا مع منطق السياسية الى درجة لم يعد احد قادرا على استنباط معاني الغش السياسي الا الراسخون فيها اما البقية كاتباع وكملقنين فهم لا يستطيعون ان يميزوا الخبيث من الطيب لكل شيطانه الذي يوسوس له وقديس يوجه كيف ما يشاء واينما يشاء.
ومن الغش السياسي المستفحل في عصرنا الراهن الرقص السياسي على انغام الوطنية كل يدعي حبها والهيام بها لكنه باطنيا حب على حرف ان كانت لهم فيه السيادة والريادة فهو وطن وان لم تكن لهم فيه السيادة والريادة بالغوا في مقتهم فسموه اللعين موطن الملعونين واحرضوه بكل مفسدة وبلية حتى اصبح احريضا لا يقدر على النهوض من اوجاعه.
ومن الغش السياسي تعاملوا مع الوطن “كعهدة مدرسية” وهى عهدة – لو تعلمون – بخسة القيمة كريهة المنظر يأكلها الصدأ وترتع فيها الحشرات ولا يقبل أن يأخذها عامل الزبالة أو تاجر “الروبابيكيا” الجائل. ولمصلحة اقوام آخرين يقوم اصحاب “دور البطولات” وكل من سفه نفسه بدور المحافظ على هذه العهدة المدرسية ” الوطن” بشكله المتخلف المتهالك حتى لا تخصم من “رواتبهم” المجزية المغرية التي تسيل لها لعابهم.
ومع بروق المطامع وتزاحم المغرمين على العمل لغيرهم كعامل من عوامل نشأة “الرق” في التاريخ وهو نظام القوة والإرغام والذي يعد من ناحية التطور البشري تطورا لمرحلة سابقة كان الناس فيها يأكلون بعضهم بعضا. وما اشبه اليوم بالبارحة ها هو العمل للغير لم يكتف بعودتنا الى مرحلة “الرق” وانما اعادنا الى ما قبلها ومشاهد وصور قتل هابيل لقابيل تتكرر على امتداد جغرافيتنا المهددة بالتذرر دون وجه حق ودون حاجة ماسة لهذا القتل وكل ما في الامر نزوة عبث وحشية قلوب يملأها المقت وانعدام الانسانية مقفلة فيها برمجيات التعقل والتدبر والرقابة الذاتية.
ممارسة الغش السياسي.. مواقف وضعت الاقطار العربية وفي مقدمتها “قطرنا العظيم” في صناديق النثريات كعهدة كل يخلي ما لديه من العهدة بطريقته واسلوبه وذوقه حروبنا يشتد اوروها بلا قضية او هدف وطني نعقد مؤتمراتنا وندواتنا بلا برامج ولا مخرجات او نتائج نداوم على اجتماعاتنا الرسمية والشعبية بلا حلول او متغير اينما تولينا بأوجهنا فلا عبادة ولا معاملة مرضية للرب والمربوب السبب في كل ذلك تمسكنا بلعبة العمل لغيرنا واخلاء عهدتنا لما تعهدنا به وقبضنا ثمنه.