قمة جديدة وأحلام قديمة
خالد الصعفاني
ذكرتنا القمة العربية الأخيرة بالبيانات ” إياها ” والتي كدنا نحفظها بفضل معادلة التكرار اللي تعلم الشطار .. “التضامن من أجل المستقبل ” كان عنوان هذه القمة العربية العادية الخامسة والعشرين في الكويت بعد تسلمها من قطر المستضيف السابق .. العنوان جميل وحمل معنى جديدا من أجل خريطة عربية سياسية واقتصادية أفضل مستقبلا , لكن البيان لم يخرج من الإطار العام المعتاد .. نقف مع فلسطين ونحن مع وحدة سوريا وسورية الجولان .. لكننا لم نشاهد قرارات حاسمة في هذا الإطار أو في غيره .. كما أن الكتلة العربية بدت بعيدة عن جو الأحداث في العالم وكأنني بهذا الكيان الحاوي لـ 22 بلدا ليس في معادلة السياسة والاقتصاد الدولي شيئا ..!
وهنا أنا أتساءل بخصوص هذا التضامن الذي يقود للمستقبل العربي المشترك وفقا للشعار المرفوع بينما كل بلد يعيش حالة عشق مع طرف أجنبي أو على الأقل وقف على حدود مصلحته الوطنية حتى لو ابتعدت هذه عن الالتئام العربي والمصلحة العربية الواحدة ..
التمثيل كان أقل من المتوقع وهذا في رأي بعض المراقبين عكس حالة من الخصام العربي البيني ,وعكس ربما حالة الملل أو التشبع التي ربما وصل لها بعض القادة بخصوص اللقاءات العربية التي أصبحت أكثر اهتماما بالتقاط الصورة الجماعية أكثر من التقاط خيوط التعاضد العربي او التقارب العربي قبل أي أحاديث طموحة عن سوق عربية مشتركة حقيقية وسياسة عربية موحدة على الأقل بخصوص قضايا العالم في السياسة والاقتصاد والمناخ ..
أما تجنيب حاضري القمة العربية كحال القمم السابقة للملفات المعقدة التي عادة ما تشهد الخلاف وترفع درجة التوتر بين الملتئمين بهذه القمم .. ووحدها القضايا العالقة تجد حظا في الكلام القممي .. مثلا فلسطين كانت دوما محل اتفاق القادرة العرب في العناوين العامة ولكن الجديد هذه المرة حمل بعض الخلاف حتى في أمر فلسطين والسبب مواقع بعض الدول العربية المسبقة من بعض الأطر الممثلة لفلسطين .. السلطة الفلسطينية يتفق حولها أغلب العرب بينما الخلاف موجود بخصوص حماس التي تدير عمليا قطاع غزة وهي المكون المهم فلسطينيا .. وهنا كانت أهم الأفكار متصلة بضرورة رأب الصدع الفلسطيني الذي لم يتم ردمه من سنوات متأخرة شهدت قمما عربية عديدة ..
في قمة الدوحة السابقة جلس الائتلاف السوري المعارض في كرسي الجمهورية العربية السورية وكان لرغبة المستضيف دور الحسم .. أما في القمة الأخيرة فقد حجب التمثيل السوري وظل الكرسي شاغرا بسبب اعتراض العراق ولبنان ومصر والجزائر وهو ما خلق التوازن في مواقف الدول العربية بخصوص ما يجري في سوريا منذ أربعة أعوام من جهة وجعل مقعد سوريا هذه المرة اصعب من مجرد الجلوس على هذا الكرسي ..
وشخصيا لا أدري ما الذي يشغل القيادات العربية لاختصار وقت القمة..! اقصد لماذا لا يأخذ القادة العرب وقتهم في مناقشة القضايا المختلفة التي تحتاج أياما .. يجري هذا الاختصار في الوقت الذي كانت القمة عادية وليست طارئة وهذا يعني أنها ليست مرتبطة بمستجد طارئ أو جديد مفاجئ ..
الكلمات المقروءة التي تتم تلاوتها في القمم العربية عادة وآخرها أحداها أصبحت بالنسبة لنا كعرب محفوظة فالديباجات مملة وتخفف من وهج العتاب , كما أن الدقة في الوصف جعلت الكثير من القضايا حاضرة غائبة , وفيما عدا الحديث عن فلسطين وإسرائيل فإن باقي القضايا يجري تعويم الحديث عنها بطريقة تفتح أبواب التأويل على كل مذهب ولغة ومعنى ..!
أخيرا :
الأسئلة العربية الكبيرة ظلت كما هي في كل المرات بعد كل القمم العربية الطارئ منها أو العادي .. متى يضع أهل القمة مداميك العمل العربي الواحد اقتصاديا .. كم قطعنا من مشوار السوق العربية المشتركة .. ومتى سيكون لنا إطار جامع على غرار ” يورو” المنطقة أقصد وليس العملة .. متى يتم نزع فتيل الخصام والخلاف العربي البيني , ومتى نحل مشكلة تخاصم الأشقاء ضمن كل خريطة عربية ولا أظن إلا أننا نعيشها جميعا وندفع ثمنها من بغداد إلى تطوان ومليلة والصحراء الغربية .. ومن كسمايو الصومالية الى اسكندرونة سوريا .. ولاحظوا أنها الأحلام العربية القديمة ذاتها !