الثورة والثورة …..وأين الشعب !¿!
عبدالرحمن بجاش
في البداية نتذكر أن دفع أول ثانوية عامة في هذه البلاد ذهبت لأداء الاختبار في مصر , ثم في العاصمة صنعاء, كان ذلك غداة ثورة سبتمبر 62 , وفي ميدان المصلى في تعز , حيث كانت تعز تصلي أعيادها بنت مصر مدرسة الثورة الثانوية , ليلتحق بها كل من أكمل الإعدادية العامة , لحظتها كان المشهد مهيبا , الطلبة , مبنى المدرسة , المدرس المصري , وحلم بدأ يومها يكبر من وحي تربية وتعليم كانت في أوج قوتها , وفي الفصول سمع الطلبة أول دروس الموسيقى , وفي الميدان الفسيح تناقلت أقدام طلبتها ألوانا من كرات القدم , وفي الداخل أيضا طالما رسموا بالأقلام الملونة , لتعم تعز فرق الموسيقى وريش الرسم , ليظهر المبدعون من كل شاكلة ولون , مدرسة الثورة الثانوية الآن عبارة عن ثكنة محاطة بالدكاكين ومكتب التربية , وساحة لم تعد كما كانت فقد حاصرتها الفصول الجديدة التي وما زالت مبررا لإلغاء حصة التربية البدنية , وفي الداخل صمتت الآلات الموسيقية وضاع إلى الأبد الأستاذ يونس مدرس الموسيقى وفرقته من مدرسة معاذ , وتحولت غرف الموسيقى والرسم بمبرر أنهما من أعمال الحرام إلى أوكار للبوم !!!, وفي صنعاء كانت مدرسة عبدالناصر الثانوية صورة طبق الأصل من الثورة في تعز , ناصر صنعاء اقتطع ساحتها ملعب الظرافي وفي الأخير هدمت وكأنه حرام أن تظل معلما من معالم العاصمة ومحجا لذكريات من درسوا بها !!! , في لحظة حلم وتطلع احتضنت تلك المساحة المتعرجة في تعز أجمل مبنى لمدرسة ( الشعب ) التي هي هدية من ( شعب الاتحاد السوفيتي إلى الشعب اليمني ) , مدخل بدرج ولا أجمل, ومدرجات حولها الروس إلى لوحة جمالية وشعار التقدم هناك صاروخ فضاء وراية السلام في العالم , ويوم أن تولاها طيب الذكر عبدالرؤوف نجم الدين لبسنا السروال الكاكي والشميز الأبيض ( ويا ويلك يا ابني ألا تأتي بهما ), كان عدنان العراقي يومها وكيل المدرسة والراوي مدرس الرياضيات وذلك الروسي يدرسنا حصتي نجارة وحدادة أسبوعيا , والموسيقى تصدح , وأوراق الرسم تحتضن وادي الضباب الذي لم يعد ماؤه سكابا , كنا يومها نظل نتفرج لوجوهنا تنعكس على البلاط النظيف حد العبث , لو تذهبون وترون الشعب كحاله الآن ستلعنون كل شيء !!! وحتى الواجهة كان احد المحافظين قد قرر الاستيلاء عليها , كان المسكين يتخيلها دكاكين , لكن تم تغييره قبل الاستيلاء عليها , مسكين قطعوا رزقه !!, أما مدرسة الشعب في صنعاء فقد حوصرت بالفصول الجديدة ومدرسة المدفعية والسوق المركزي وإهمال لا مثيل له ,ومدرسة الثورة في الحديدة اسألوا عن حالها عبدالوهاب مزارعة , الشيء الذي أنا متأكد منه أن الموسيقى والرسم أيضا والتربية البدنية حرام حتى على شاطئ البحر !!!!.