بلدة طيبة ورب غفور
عمر عثمان العمودي
بعد قيام الثورتين المجيدتين في اليمن سبتمبر عام 1962م في شمال اليمن وأكتوبر 1963م في جنوبه تمكن الشعب اليمني من تصفية الحكم الإمامي الكهنوتي والوجود الاستعماري في الجنوب وتطلع الشعب اليمني إلى أهداف الثورتين العامة بأمل وتطلع وأن تتحقق في مجال الديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية وإقامة الدولة الواحدة دولة المؤسسات دولة النظام والقانون وحققت الثورتان الكثير من الانجازات على مستوى التعليم والبيئة التحتية وفي مجال الصحة والأوضاع المعيشية المتطورة نسبيا ولكن ما تحقق كان أقل من المطلوب والمأمول بسبب الظروف التي ارتبطت بمسارها على أرض الواقع “صراعات وتدخلات خارجية وسقف الموارد المتاحة” وقد تأخرت الوحدة إلى 22 مايو عام 1990م وبإعادة قيام الوحدة اليمنية التي كان انتظارها طويلا ونظر الشعب إليها كهدف ووسيلة مما تهدف لإعادة قوة اليمن ومكانتها الدولية وكوسيلة لبناء اليمن الجديد المزدهر على كافة الصعد وفي كل الميادين ولكل أبناء اليمن بلا تمييز بينهم ولكن الوحدة التي استبشر بها وبقيامها أبناء اليمن ومعهم كذلك أبناء الأمة العربية والإسلامية تعثرت مسيرتها وتطورها في اتجاه الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة المصرية ويرجع الدارسون والمحللون السياسيون السبب المحوري إلى سوء الإدارة وإلى سوء الحكم الذي لم ينجح في إرساء قواعد الحكم الديمقراطي الحقيقي وفقا للمعطيات والركائز المتعارف عليها دوليا وإلى عدم قدرته على إدارة التنوع كما يجب وتفاقمت مشاكل البلاد وتعقدت صورها من تدني المستوى المعيشي والثقافي والصحي والاجتماعي الكريم وانحصرت الثروة والسلطة بيد قلة من الناس على حساب الأغلبية العظمى من سواد الشعب اليمني وعندما قامت ثورة الشعب الشبابية التصحيحية لمسار ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين في 15 فبراير 2011م مواكبة للثروات الشعبية الأخرى في تونس ومصر وليبيا وسوريا قرر الشعب اليمني نقل السيادة والحكم إليه مباشرة قولا وفعلا من أجل التغيير الجذري إلى الأحسن والأمثل والأعدل ورغم الأزمة العصيبة التي مرت بها البلاد والتدهور الكبير في كل أوضاع البلاد إلا أن اليمنيين قد غلبوا جانب الإيمان والحكمة اليمانية وتجاوبوا بإيجابية مع نصائح ومواقف الدول الشقيقة والصديقة واختاروا التوافق السلمي والحلول الوسط بدلا من الاحتكام إلى السلاح إلى الدم والقوة المادية القائمة فجاءت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة مسنودة بقراري مجلس الأمن الدولي رقم 2014 و2051 وكلها تقوم في الغالب على مطالب ودعوات وبيانات زعماء أطراف النزاع اليمني البارزين ووفق الله الرئيس عبدربه منصور هادي الرئيس الذي توافق الداخل والخارج على قيادته للبلاد في مرحلتها الانتقالية وبشرعية انتخابية شعبية كبيرة وغير مسبوقة وإيصالها إلى بر الأمان والسلام المشير الرئيس ابن هادي توفق بإرادة الله إلى جمع اليمنيين من مختلف القوى والأطياف إلى مؤتمر الحوار الوطني الشامل وعلى مدى عشرة أشهر نجح المتحاورون في تغليب مصالح البلاد العليا على سائر المصالح الضيقة والمشاريع الخاصة وجاءت وثيقة مخرجات الحوار الوطني الشامل مثيرة لانبهار وإعجاب كل محب لليمن وشعبها الأبي الكريم والعزيز.