المخربون في غيبوبة!!
فتحي الشرماني
fathi9595@gmail.com
الذين لا يزالون حتى اليوم متمسكين بورقة التخريب كلغة وحيدة للتفاهم مع حالة التوافق التي تحكم اليوم, لا أشك في أنهم يعيشون في غيبوبة, فالشيطان والهوى والنفس تعدهم وتمنيهم, وتصور لهم منطقية هذا التخريب ومنطقية الاستمرار اليومي فيه منذ أكثر من عامين, حتى أصبح التسبب في إغراق الوطن كله بالظلام أمرا طبيعيا في نظرهم, وأصبح تفجير أنبوب نفطي أو غازي أمرا طبيعيا كذلك, وإن كان هذا الفعل أو ذاك يتسبب في خسارة الخزينة العامة ملايين الدولارات, بل الغرابة أن شخصا واحدا أو شخصين أو ثلاثة لا يفكرون في أنهم بهذا السلوك يقفون خصما لشعب قوامه أكثر من 25 مليونا, وأن الحساب آت لا محالة إن عاجلا أو آجلا.
الإعلام اليوم يكشف هوية الفاعلين, والملايين يقرؤون أسماء هؤلاء المخربين, ويوما بعد يوم يتشكل رأي عام ساخط يشير إلى أن قضية التخريب لن تسقط بالتقادم, وأن هذه الأسماء ستظل حاضرة في الأذهان, ليس في أذهان النخب التي تدير الوطن فحسب أو ستديره وستلاحقهم قضائيا, ولكن أيضا في أذهان الشباب والناشئة الذين سيؤول المستقبل القريب إليهم, والذين ستظل صدى تلك الأسماء والأسر الانتهازية تتردد في مسامعهم, بوصفها رموزا كانت تعادي الشعب في لحظة حرجة من تاريخه, واستمرت وتصلبت وعاندت وأصرت على أن تحدث الخراب وأن تقف ندا لشعب بأكمله.
وإذن, فمشكلة هؤلاء المخربين أنهم يستهينون بهذا النوع من الاستعداء, بل لعلهم ينتشون حين يقال: إن هذا هو التخريب العاشر الذي يقوم به فلان أو الشيخ فلان مع أتباعه أو أهله خلال أسبوع أو شهر.
كما أن هؤلاء المخربين يتناسون أن تحويل هذه السلوكيات العدائية إلى عادة, يسلبها كل يوم شيئا من القدرة على تحقيق الأهداف النفسية الخبيثة التي تقف وراءها, وإن نجحت في التسبب بالخسارة المادية, ذلك أن تكرار هذا السلوك جعل الإنسان اليمني يوسöع مساحة التصبر, ويزيد من تفهمه لصعوبة المرحلة وأعذار الشخوص التي تديرها, وإن وجد عندها كل التقصير أو بعضه .. وإذا كان الأمر كذلك فإنه دليل على أن الناس يشعرون بثقل هذه الأساليب الانتهازية على حياتهم وإن صمتوا وظلت الجهات المسؤولة عاجزة عن صنع شيء, فزيادة الصبر دليل على اشتداد البلاء.
لذلك نؤكد أن عناصر التخريب اليوم في غمرة التبلد واللامبالاة, ولعل هذه الأفعال تستدرجهم إلى الوقوع في شر أعمالهم, ولا نشك في أن من يستمرئ تعذيب الشعب في تخريب عمود كهرباء أو تفجير أنبوب نفط لا بد أن يكون مستعدا لما هو أكبر من ذلك, فمثل هؤلاء لا يتورعون عن إزهاق الأرواح ونشر الفوضى, ولكن الله وحده أعلم بما تخبئ لهم الأيام من جزاء يصبحون به عبرة لأولنا وآخرنا, وما ذلك على الله بعزيز .. فالخلود لكم أيها المخربون .. الخلود لكم في ذاكرة الأجيال بوصفكم رموزا للشر والبلطجة والانتهازية والخيانة للدين والأخلاق والوطن والشعب.