مرحلة انتقالية .. إلى أين ¿!

خالد الرويشان


 - 
  لا أستطيع أن أخفي حزني الشديد على عشرات القتلى من الجنود والمواطنين في طول البلاد وعرضها خلال يوم واحد هو يوم الجمعة الماضي . ثمانية عشر جنديا تم قتلهم في نقطة عسكرية
خالد الرويشان –

لا أستطيع أن أخفي حزني الشديد على عشرات القتلى من الجنود والمواطنين في طول البلاد وعرضها خلال يوم واحد هو يوم الجمعة الماضي . ثمانية عشر جنديا تم قتلهم في نقطة عسكرية على ابواب مدينة شبام حضرموت أثناء تناولهم وجبة الغداء بعد صلاة الجمعة مباشرة ! وستون قتيلا في نفس اليوم في حاشد ! عدا قتلى الضالع بشكل يومي .. وكأن معنى المرحلة الانتقالية هو انتقال البلاد إلى رحمة الله ! أي إلى الموت غöيلة وغدرا .
الذين لا يرف لهم جفúن , ولا يهتز لهم ضمير لضحايا الجنود والمواطنين اليمنين لا يمكن أن تكون خاتمتهم إلا النهاية نفسها ! الله يقول ذلك , والرسول يؤكده , والاحداث تاريخيا شاهدة عليه ! وإذا كان عمر بن الخطاب يعتبر نفسه مسؤولا عن تعثر شاة في العراق .. فماذا كان عساه أن يصنع لو أن المئات من رعيته بين قتيل وجريح كل يوم .
هل يتعرض الشعب اليمني للاجتثاث والإبادة في معركة بلا إعلان , وحرب بلا بيان ¿ كيف يمكن الصمت على مقتل 830 في دماج وجرح الآلاف من السلفيين لمجرد انهم لا يروقون للمتفرجين ! 830 قتيلا من طرف واحد خلال بضعة أسابيع ! ما بالك بعدد القتلى من الطرفين . أي حقد هذا وأية كراهية هذه التي لم يعرفها الشعب اليمني في تاريخه هذا رقم لم يحدث في تاريخ اليمن ! فالعادة أن الحروب التي لا تكون الدولة طرفا فيها لا يقتل خلالها أكثر من 2% مما يحدث الآن بين الفرقاء تتقاتل القبائل اليمنية شهورا وسنوات ولا يتجاوز عدد الضحايا عدد اصابع اليد الواحدة . ثم إن القبائل تحسم القتال بصلح ودöيات وعقوبات وأحكام معروفة ومشهورة , وهذا هو الذي حفظ اليمن خلال عهود وعقود من غياب الدولة .. أما اليوم , فإن جنود الدولة المغدورين وضحايا الصراع هم بالمئات .. وكل يوم ! والأكثر بشاعة أنه لا ديات ولا صلح ولا حساب ولا عقاب ولا أحكام !
إن اللامبالاة جريمة صامتة , وقتل إضافي للضحايا ! ونتائج هذه اللامبالاة وخöيمة وكارثية . ولعل نموذج اخبار التاسعة من الفضائية اليمنية مساء الجمعة الماضي أن يكون شاهدا ودليلا على لامبالاة نائمة ولا مسؤولة !
كنت أظن أن خبر مقتل الجنود المغدورين الثمانية عشر في شبام حضرموت سيتصدر نشرة الاخبار فإذا بالخبر الاول في النشرة عبارة عن تعزية اجتماعية في وفاة احدهم , وانتظرت الخبر الثاني فإذا به تعزية أخرى في وفاة آخر ! وكانت المفاجأة أن الخبر الثالث كان بالنص « رحبت كندا عبر وزير خارجيتها بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني ! (…) وخصوصا البند الذي يمنع زواج الاطفال « إي والله ! هذا الخبر سابق في النشرة على خبر مقتل الثمانية عشر جنديا .. تذكروا الرقم : ثمانية عشر جنديا !
ربما شعرت بغثيان سيتحول إلى مغúص بعد أن سمعت الخبر الرابع : شدد خطباء المساجد في اليمن على ضرورة الاصطفاف الوطني خلف مخرجات الحوار الوطني ! ثم اسهب المذيع في مقدمة طويلة مملة قبل أن تتم إذاعة مقتطفات لعدة خطباء وبالتوالي حول منجز الحوار ومخرجاته ! دون أي ذكر حتى هذه اللحظة لجريمة مقتل الثمانية عشر جنديا في شبام حضرموت بعيúد صلاة الجمعة .. أي في نفس اليوم !
رحم الله أستاذنا الجليل أحمد حسين المروني.. كان يقول بلهجته الصنعانية المحببة « ما قد معانا من كلمة إعلام إلا إعú ! وما قد معانا من كلمة تلفزيون إلا تلف ! «.. وفي كل الاحوال لابد أن نعترف أن العلة ليست في التلفزيون ولا في الإعلام .. للأسف ,هناك ما هو أسوأ ! إنه انعدام الشعور بالمسؤولية عن حياة الناس ودمائهم المراقة كل يوم . انعدام الشعور بدموعهم وأحزانهم .

ثمانية عشر قتيلا من جيش البلاد كارثة بكل المقاييس لو أنها حدثت في دولة تحترم نفسها لأعلنت الحداد سنة كاملة , وأقامت الدنيا ولم تقعدها , وحققت وحاسبت ولاحقت وعاقبت .
يجب الا ننسى أن الاستهانة بدماء الجيش في لعبة السياسة الداخلية والخارجية هي التي قضت بنهاية الرئيس السابق في حروب صعدة . بداية النهاية كانت في صعدة ولم تكن الخاتمة مجرد أن يصلي خلف الجثامين أو أن يبعث ببرقيات العزاء .. بل كانت الخاتمة ثورة شعبية , وانقسام الجيش .. وسقوط النظام ! لا شيء كدماء المظلومين يوúغöر صدúرهذه الأرض , فترفع قبضتها مöطرقة لتهوي بها على أم رأس الجناة والمتآمرين .. ولو بعد حين !

قد يعجبك ايضا