الإدارة المحلية ماض ما زال يقاوم التغيير!!
عبدالرحمن سيف اسماعيل
> الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة المطروحة الآن على طاولة الحوار الوطني ما تزال القضية المركزية الأولى في اليمن وغياب هذه الدولة انتج الكثير من المشكلات المزمنة والمعقدة مثل المشكلة الجنوبية بل المشكلة الوطنية بصورة عامة فغيابها خلق عددا واسعا من التعقيدات والمشكلة الأكثر تعقيدا تتمثل في أن هذه القضية في لجنة الحوار الوطني لم يرافقها إجراءات موازية من قبل وزارة الإدارة المحلية التي تعد بوابة الولوج إلى المستقبل إلى هذه الدولة التي أصبحت حاضرة في خطابنا السياسي والثقافي والإداري ووزارة الإدارة المحلية تختزل داخلها تجربة سنوات من مشكلات هذه الإدارة التي اضرت بالبلد فما تزال الإدارة المحلية تدير وحداتها الإدارية بمركزية شديدة وبعقلية مدير الناحية الذي كان قائما قبل الوحدة ويخضع لقيادة المؤسسة الأمنية بوزارة الداخلية ومن قبل كادر إداري يمثل مصالح القوى التقليدية والاجتماعية المتخلفة التي تمسك بتلابيب هذه الإدارة وعلى الرغم من ذلك إلا أن هذه المؤسسة الهامة ما تزال بوحداتها الإدارية ومجالسها المحلية نهبا لبعض القوى التقليدية والبيروقراطية العسكرية والقوى القبلية والمشيخية والطفيلية والنفعية المستفيدة مما تقدمه لها القوى المتحكمة بقرار إدارة هذه المؤسسة.
وغالبية رؤساء الوحدات الإدارية استجابوا لنوازع الفاسدين في تعاطيهم مع قضايا الفساد المالي والإداري في وحداتهم الإدارية بل أنهم دخلوا في قضايا الرشوة والمتاجرة بالمناقصات التي يعلن عنها باستمرار في وحداتهم الإدارية بما في ذلك مدراء مديريات تم تعيينهم حديثا تحت مبررات أنهم ثوار من الساحات بل إن البعض لم يستطع التحكم بمشاعره وانخرط في قضايا فساد ونهب للوحدات الإدارية وابتزاز للمقاولين والمستفيدين من مشاريع الوحدات الإدارية وربما أن تصرفات البعض أثارت تحفظات المجتمعات المحلية التي بدورها طالبت السلطات العليا في محافظاتهم بضرورة محاسبتهم وتغييرهم.
علما بأن قيادات الوحدات الإدارية ما تزال تلك القيادات التي ارتبطت بالماضي الاجرامي للنظام السابق وما تزال تنفذ توجيهاته وجرائمه حيث وأن القيادات التقليدية ما تزال تدير الوحدات الإدارية بنسبة 97% من إجمالي الوحدات الإدارية ويضاف إلى هذا الطاقم الإداري في الوحدات الإدارية والمجالس المحلية والتي جميعها تعبر عن لون سياسي واحد أو لونين ارتبطا تاريخيا بفساد النظام ودمويته بينما القيادات الإدارية الحديثة أو المعينة حديثا ما تزال محدودة جدا لا تتجاوز الـ3% وهم علاوة على ذلك يفتقرون للتجربة والتأهيل والحنكة الإدارية والقيادية مما احدث فجوة فيما بينهم وبين المجتمعات المحلية وهذه الحالة تكشف عن طبيعة واقع الأزمة التي تعيشها هذه المؤسسة الوطنية الهامة والمعروفة بالإدارة المحلية والتي تعد بوابة العبور إلى المستقبل المعنية بالتغيير والانتقال إلى الدولة التي خرج الشعب بكامل مكوناته واتجاهاته مطالبا بها.
ويمارس هؤلاء نشاطهم من خلال مجالس محلية فقدت صلاحيتها منذ بضعة أشهر ومكاتب تنفيذية فاسدة تدير فساد السلطات المحلية باعتبارها الأجهزة الإدارية والفنية للمجالس المحلية التي فقدت شرعيتها ومصداقيتها وقانونيتها.
ورؤساء الوحدات الإدارية الذين تم تعيينهم حديثا يفتقرون كما اسلفنا إلى أبسط المعايير والجدية والتأهيل الإداري والجاهزية والحيوية ناهيك عن كون الغالبية منهم وقعوا خلال أشهر ربما أسابيع فريسة سهلة للفساد وجميع هذه التصرفات تكشف حقيقة واحدة هي أن قيادة الوزارة لا تمتلك رؤية استراتيجية لإعداد وتأهيل قيادات إدارية محلية تستوعب متطلبات التغيير ومتطلبات الواقع الاجتماعي والموضوعي وقد يبرر البعض هذا الضعف ببقاء القوى الممانعة مسيطرة ومؤثرة وتمارس الفساد بكل أشكاله وأنواعه ووجود ما يحول دون إجراء أي تغيير في إطارها وكذا عدم قدرتها على إعادة هيكلة الوزارة وأجهزتها المختلفة أو المباشرة باجراءات التدوير الوظيفي وهذا العجز كان مبررا كافيا لتقديم استقالتها وكشف ذلك للرأي العام الذي يوجه لها أصابع الاتهام بالتقصير والفشل وتحولها إلى مجرد حرس لمصالح هذه القوى التي صادرت الوظيفة العامة وعاشت في الأرض فسادا.
في محافظة تعز أخيرا أجرى المحافظ تنقلات داخل المحافظة بين بعض رؤساء الوحدات الإدارية في نطاق صلاحيته القانونية وما تتطلبه الوظيفة العامة من الاستقلالية في ظل اللامركزية التي أصبحت خيارا لا رجعة عنه إلا أن ذلك الاجراء أثار حفيظة بعض القوى الرافضة للتغيير ممن ارتبطت مصالحهم ببقاء هذه القيادات الإدارية.
ومن هؤلاء اعاد المحافظ الاستاذ عبدالله علي الصمع مدي