موحöد اليمنيين.. “كأن روحي مقبلة على عيد”

محمــد محمــد إبراهيـــــم

 - وأنا أشد أمتعة السفر الخفيفة صوب ريمة محاولا حل أغلال وجد صنعاء من ذاكرة الوجع المثقل بألم السياسة سمعت همسا لخبر وفاة فنان اليمن الكبير أيوب طارش عبسي.. ورغم خارطة الحب والانتماء التي تسطöر بضميري كيمني أنصع عناوين ومتون
محمــد محمــد إبراهيـــــم –
وأنا أشد أمتعة السفر الخفيفة صوب ريمة محاولا حل أغلال وجد صنعاء من ذاكرة الوجع المثقل بألم السياسة سمعت همسا لخبر وفاة فنان اليمن الكبير أيوب طارش عبسي.. ورغم خارطة الحب والانتماء التي تسطöر بضميري كيمني أنصع عناوين ومتون الفن اليمني الأصيل لأيوب إلا أني لم ألتفت بتاتا إلى الخبر -المحكوم عليه بالشائعة- ولم أحاول مطلقا البحث عن دحضها..
لملمت أشياء قليلة من الثياب تكفي ليومين فقط.. فسأذهب في زيارة طارئة إلى مسقط الرأس الشرف -بني الجرادي- ريمة بعد عام ونصف من الرباط في صنعاء “وطن العيش والأمل”.. انطلقنا بصعوبة من الفرزة متجهين جنوبا حتى معبر ثم غربا صوب السلفية ريمة عبورا من مدينة الشرق آنس.. كان السفر ممتعا رغم ظرفه القهري ووسواس التقطعات التي فقأت في عين القبيلة نور القيم وأدخلت آخر أنفاس الدولة في كنف الغياب.. ووحده كان دفúق الشجن يسابق خطـانا وينسينا الهموم ويدحض رويدا رويدا شائعة وفاة أيوب فقد كان معنا يزف الحياة بين لحظة وأخرى بـ(طائر أمغرب أشكو لمن وا نجيم الصبح قلبي الولوع يامن رحلت إلى بعيد).. ولم أسمع : (ما هلنيش)..
وفي مجلس القات في القرية احتدم الجدل السياسي وبانت ملامح الساعة السليمانية في أول لحظات مضغ الوريقات ولم يكن الصمت ربها كما هو المعلوم في صنعاء فالكل يغرف من بحر بلا سواحل ويشرب بكأس الذهب رشفات من العصف الذهني وأنا أستمع لكن لا أدري لمن أستمع!! .. فالكل يشلö بالصوت في الخصومة والتباين والرؤى و” يا جöيöدú منú يسمعك¿!”.. ووحده أيوب كان يوحد الجميع إذ يعطي فرقاء المجلس فرصة التقاط الأنفاس بين غمغمات الأصوات حين يطل من أكثر من هاتف سيار- متوجا بالبهاء الإنساني وقيم الانتماء الوطني “وهبناك الدم الغالي وهذي الهتافات وارفعوه الشمس هاما وعطايا تربتي”.. وغيرها من الرنات المبرمجة في هواتف المقيل الجامع لليسار واليمين والوسط بين أربعة جدران..
كان بجواري الناشط المجتمعي المثقف الدكتور محمد أحمد علي سعد الجرادي – عضو المجلس المحلي في مديرية السلفية ريمة- والذي يبذل جهودا محمودة النتائج لخدمة الجمع المجتمعي خارج السياسة والعصبية وهو ما يعرف بها عند أبناء المديرية وكذلك المناضل التربوي القدير صالح محمد زيد الذي قضى أكثر من 20 عاما مدرسا ليقطع – مع كل صباح- ما يقرب الـ(5) كيلو مترات مشيا على الأقدام في الجبال الوعرة ومثله زميله علي زيد علي صالح.. وكان أمامي الشخصية العسكرية والاجتماعية النشيطة المقدم منصور عبده حسن الجرادي وكثر من أبناء المنطقة (تربويين –رموز اجتماعية- عساكر) ..
كنا في نقاش جدöي حول كثير من تفاصيل المشكلات والواقع المجتمعي وبالكاد نسمع بعضنا في المجلس المكتظ بالبشر والسياسة بمعناها القروي الجدلي.. ولكن تناوبات هذه النغمات الرائعة وجهتنا إجباريا باتجاه أيوب وحضوره الوطني والوجداني والعاطفي والصوفي وكدت أن أتحدث لمن حولي بالشائعة لكن سرعان ما صدني الرفض القطعي للتصديق بالشائعة كون موت أيوب -في نظري- يعني زلزال الجماهير اليمنية ويعني ابتداء حياته الحقيقية (لكن موت المجيد الفذ يبدأه/ ولادة من صöباها ترضع الحقب).. ولذا ستموت الأجيال ويحيا أيوب موحدا لها كما وحد اليمنيين في ربيع الصراع السياسي حين اختلفوا في كل شيء حد الكفر والجحود والقبول بالآخر وظل أيوب “ترجمان الفضول” صادحا في جماهير كل الفرقاء:
(وهبناك الدم الغالي/ وهل يغلى عليك دم
يصون شموخك العالي/ وفجرا حاكه قلم
عشقنا من طفولتنا / ووجهك عشق من يولد
عبدنا.. وانت ليس سواك/ بعد الله من يعبد)
ومع العودة من القرية كان أيوب نبض الرحلة إلى صنعاء لتعزف أوتاره ارتعاشات الفرح والأمل والتفاؤل لليمنيين بتجاوز عقبة وثيقة حل القضية الجنوبية وتروي ألحانه في دمي ورود هواجسي مجدöدة حبا لم يزل يزهر قصائد وعناقيد من الرجـوى:
(من القمارى شاسúمعú التغاريد
واسúجعú معاهöن وارفع الزغاريد
كأن روحي مقبله على عöيد)..
طبت يا أيوب حيا معافى وطبت يا أيوب إذا اختار رب الجمال لك الرحيل لتفتح لحضورك ألف باب على المكانة السامية في الوجدان اليمني.. لقد حملت الفن رسالة وحدوية مكانا وإنسانا فانتصرت للغناء من عبث الزيغ السياسي خارج أسوار القيم النبيلة وجعلته بلسما يرمم النفوس حين ت

قد يعجبك ايضا