التلوث يفاقم مشكلة المياه

محمد العريقي


 - نهتم كثيرا بإجراء العمليات الحسابية لمعرفة مقدار المياه الهاطلة من الإمطار.. والمياه المتجددة والمياه السطحية والمياه الجوفية ويترسخ في أذهان الكثير
محمد العريقي –

نهتم كثيرا بإجراء العمليات الحسابية لمعرفة مقدار المياه الهاطلة من الإمطار.. والمياه المتجددة والمياه السطحية والمياه الجوفية ويترسخ في أذهان الكثير منا أن هذه الكميات جميعها صالحة للاستخدام بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
وفي حقيقة الأمر أن تلك المياه ليست كلها صالحة للاستخدام فهناك كميات كبيرة منها تتعرض للتلوث ومع ذلك لم نسقطها من تلك العمليات الحسابية.
وإذا ما أخضعنا كميات المياه السطحية والجوفية التي يطالها التلوث للاستبعاد من كميات المياه التي تعودنا إظهارها في مؤشرات الوضع المائي في اليمن سنجد أن الفجوة الحقيقية بين المياه المتجددة والمياه المستخدمة كبيرة جدا وأن نصيب الفرد أقل من المحدد الذي نشكو منه حاليا.
فقد نشاهد أمامنا كميات هائلة من المياه في حين نشكو العطش ولا نستطيع الاقتراب من تلك المياه..لأنها ملوثة وهنا يصدق قول الشاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظما
والماء فوق ظهورها محمول
إن تلوث المياه أصبح الشغل الشاغل للمهتمين بما يضيفه من تعقيدات إلى جانب ندرة المياهفمنذ مطلع السبعينات والعلم مهتم بظاهرة التلوث وحصر عناصرها وفهم أسبابها بهدف وضع السبل لمكافحتها والقضاء عليهاوتبين للعلماء أن للتلوث مظاهر ثلاثة هي:
تلوث اليابسة وتلوث الهواء وتلوث المياهوتبين أيضا أن هذا التلوث الأخير يشمل تلوث البحار والمحيطات من جهة وتلوث الماء العذب في الأنهار والبحيرات من جهة ثانية.
ولما كان الماء العذب لا غنى للإنسان عنه كان تلوثه أشد خطرا وأبعد أثرا من تلوث البحار والمحيطات وكانت الحاجة إلى القضاء على هذا التلوث أكثر إلحاحا هذا ما أجمع عليه العلماء والمختصون طوال السنوات الماضية ولكن ثمة اكتشافات جديدة ضاعفت اهتمامهم بتلوث المياه العذبة وبمكافحة هذا التلوث فالماء في البيئة يحتل مساحة كبيرة ولكن الصالح منه للاستعمال لا يتعدى2% من المجموع العام وحتى هذه النسبة تتعرض للتلوث من فضلات الإنسان المنزلية والمجاري الصحية ومجاري تصريف مياه الأمطار والنشاطات الصناعية والزراعية وعمليات استكشاف وتصدير وتكرير النفط,ورغم الجهود المبذولة للتصدي للتلوث المائي إلا أنه يظل شبحا مخيفا لم تسلم من رعبه حتى الدول المتقدمة فالتلوث طاعون يهدد جميع المجتمعات. ومكافحته تتفاوت من بلد إلى آخر حسب الإمكانياتفبلد مثل سويسرا الذي يحتل مكانة متقدمة بين الدول الصناعية والثرية في العالم تنفق المليارات من الدولارات عاما بعد عام على العشرات من محطات تكرير وترشيح المياه المستخدمة في المنازل وغيرها بالطرق الميكانيكية والبيولوجية في مختلف أنحاء البلاد.
فالتلوث شبح مرعب يهدد مصادر المياه وخاصة المياه العذبة فهذه المياه لا تزيد عن 2% من إجمالي المياه التي تغطي 75% من مساحة الكرة الأرضية ومع ذلك فالكثير من المياه الصالحة للشرب أو للزراعة تتعرض للتلوثففي كثير من مناطق العالم يعمل التلوث على التقليل من جودة المصادر المائية المتوفرة حيث أن كل لتر من الماء الملوث يؤدي إلى تلوث عدة لترات إضافية بالمصدر المائي الذي يصل إليه.
ولنا أن ننظر إلى كميات المياه الهائلة التي تتدفق في الوديان والتي تنزل من أعالي المرتفعات الجبلية.. تتساقط أولا من السماء نظيفة نقية ثم تتجمع وتتدحرج جارفة في طريقها التربة فيتغير لون المياه وتفقد قيمتها كمياه صالحة للشرب إذا سحبت في طريقها المخلفات الآدمية والحيوانية كالفضلات والمواد الكيماوية والصناعية والزيوت ومخلفات المستشفيات وعندها تصبح مصدرا خطيرا للأمراض.
فمع الارتفاع السكاني يتزايد النمو العمراني غير المخطط وتنشأ مشكلات عديدة نتيجة عدم النمو المتوازن في المرافق الحيوية مما ينتج عنه مشكلات الصرف للمخلفات الآدمية, فمياه المدن التي تحتوي على الفضلات الجماعية للحياة اليومية وأحجامها في تزايد مستمر تصل في بعض المدن إلى 600 لتر للشخص في اليوم الواحد مما يؤدي إلى تراكم حوالي 50 كجم من المواد الصلبة لكل شخص في العام الواحد, كما تشير الدراسات.
وفي اليمن أدى ظهور التجمعات السكانية التي لا يقابلها خدمات للمياه والصرف الصحي إلى أن تصبح مصدرا أساسيا لتلوث المياه والبيئة, و تنجم عنها تبعات صحية خاصة على الشرائح الأكثر عرضة للخطر كالأطفال وغيرهم.
وهكذا فإن أبرز ما يعزي إليه السبب في التلوث هو النقص الحاصل في إمدادات شبكة المياه والصرف الصحي في كثير من المناطق والأحياء سواء في الحضر أو في الريف على حد سواء ولجوء السكان إلى الحفر العميقة المغطاة (البيارات) في تصريف المياه العادمة مع قرب ه

قد يعجبك ايضا