تسمين القتلة

جمال حسن


 - كثير من الأحداث تمر دون الالتفات لها وعندما يمر حدث ضخم مثل الاعتداء على وزارة الدفاع بواسطة مسلحي القاعدة تبدأ آلة تشويش هائلة في العمل مهمتها
كثير من الأحداث تمر دون الالتفات لها وعندما يمر حدث ضخم مثل الاعتداء على وزارة الدفاع بواسطة مسلحي القاعدة تبدأ آلة تشويش هائلة في العمل مهمتها التضليل جيوش من الأصوات تتسلق كشجيرات متطفلة في فضاء الأحداث دورها إفساد المفاهيم علينا فهم ما يحدث ومعرفته. وحتى لا نكون مجحفين بالنسبة للبعض فكثير منا متسرع وليس عن نوايا والبعض الآخر يدع نزوات نفسه تسرح في براري الأفكار دون كبحها فتظهر أقل جودة.
وفي وقت يبدو حاسما لليمن تحاول قوى تأكيد دورها عبر ألعاب ليست هزلية وإن كانت بما فيها من فجائع ودموية يحركها هزءا بقيم الحياة واليمن. ألسنا في عصر مشبع بالمأجورين والقتلة. فالمسلحين قتلوا بدم بارد أناسا عزلا: مرضى وعاملين في مستشفى العرضي بينهم أطباء. هاجموا غرفة العمليات وقتلوا الدكاترة والمريض. أي نوع من القتلة هؤلاء كيف تم تدريبهم وصياغة جرائمهم بلون العقيدة هل هذا هو الإسلام فعلا¿ كانوا متنكرين بأزياء عسكرية امرأة قبل أن تقتل تحدثت إلى ابنها عبر هاتفها “العسكر يقتلونا” هذا ما قالته وماتت دون أن تعرف حتى حقيقة ما يحدث ومن قاتليها. وذلك بالتحديد ما تحاول صياغته تلك القوى تهديم مظاهر القتل بزوبعة تكهنات متضاربة. في يوميات القراءة للكاتب الأرجنتيني البرتو مانغويل قال عن بلده “لم يعد هناك الأرجنتين ومازال قاتلوها أحياء” هذا المشهد ينطبق بصورة ما على اليمن فالقتلة أحياء ويتم وضع النياشين على صدورهم وتمجيد بطولاتهم الدينية وربما الصلاة في اتجاه حروبهم المضللة.
خرجت أطراف تتحدث عن تورط مراكز نفوذ في الحدث المجادلة دارت بين طرفين وتحول المستوى السياسي يغذي الحدث ويخفي آثار الجريمة. فمهما يكن بأن هناك أطرافا نافذة تمارس الترهيب أو اغتيالات لمصلحتها فهذا لا يعني أننا ندع القاعدة تمر بجرائمها ونزيد على ذلك بأن نفتح لها ملاذا وتواطؤا. من يقدم للقاعدة كل هذا الدعم اللوجستي¿ هذا هو السؤال. بالتأكيد هناك أطراف فاعلة ونافذة. بل وتعتقد انها تحقق مكاسب سياسية في زحمة صراعاتها في بلد يعج بالصراعات ووحشة الانقسامات. في بلد تحاول أصوات مستفيدة أن تتغذى من الدم المنهك والمنساب تعتاش من جثث اليمنيين تزيد حجم مكاسبها وامتيازاتها. عندما قابلت أحد الحوثيين اليوم التالي للجريمة كان يتحدث ضاحكا هل ترى نحن لا نفعل مثل هذه الأشياء. في الواقع القتل على طريقة الحوثيين يختلف نوعا ما. لكنه يقودنا كذلك لصراعات طائفية ويؤجج هذا النوع من القتل. البعض يحاول من المشهد التراجيدي تحقيق حضوره. والبعض الآخر يقوم بتصفية حساباته على هذا المشهد الدامي.
كثير من الكتاب خرجوا يؤكدون أنها لا يمكن أن تكون القاعدة. لماذا ندافع عن القتلة¿ لا أدري لمصلحة من يعمل البعض وحتى لا نبيح التهم كيف يفكر البعض¿ في هذه المحنة لماذا لا نكون يمنيين كما يجب أو إنسانيين¿ في صور الفيديو بدت بشاعة القتل المريعة. ومن وجهة نظري كان نشرها بما فيها من قسوة مهما لنرى كيف يفكر هؤلاء القتلة. كان يجب فضح هذا القاتل الذي لا يشعر بأدنى ذنب لأن لديه ما يحتاجه من التبرير. هل يعقل أن تكون تلك اللجنة تنتظر مثل هذا النوع من القتل. أو أن الله ينتظر من البشر هذا النوع من العبادة.
سنعود لذلك السؤال من يعطي هؤلاء القتلة كل هذا الدعم اللوجستي. في واحدة من الأحداث التي لا تقل قسوة وإن لم تحفل بنفس الدراما التي شهدتها مأساة العرضي. يفجر شاب نفسه في ميدان السبعين ويقتل حوالي 80 بينما الجرحى يصلون حوالي 200 كانت الأحكام التي أدانت المتورطين مخيبة بل وبشعة مثل الجريمة. الذي ألبس القاتل الحزام الناسف تم الاكتفاء بحبسه عاما ونصف العام وتم إطلاقه بعد انتهاء المدة. إذن هناك من يحمي هذه القتلة. ومشكلة الرأي العام أو حتى صناع هذا الرأي غارقين في دوامة صراعاتهم الهوائية. هناك دعم وحماية تطلق المتورطين بالدم. أليست واحدة من أبشع اللحظات أن يمنح القضاء لقتلة كهؤلاء البراءة أو إدانة بسيطة لا تتناسب مع نوعية القتل. وإن تحدثنا عن حكم بالشريعة الإسلامية ألم يقل عمر بن الخطاب عن أنه لو اشترك أهل صنعاء بقتل ذلك الشخص فإنه لن يتوانى عن إعدامهم.
في الواقع هناك اشتباهات بأطراف قوية تقف وراء هذه الجماعات. لكن لا يعني أن نبدأ بشحذ سكاكين اتهاماتنا ونبرئهم. فالبعض غالى قائلا لا وجود للقاعدة. والمذيع في قناة سهيل صرخ وهو يقول إنه من الغباء القول بأن القتلة من تنظيم القاعدة. يكفي لنعرف كيف يتم دعم أولئك. من يقدم لهم المساعدة للدخول إلى منطقة محمية أمنيا ويمارس كل هذا القتل بدم بارد. نساء وأطفال وأشخاص عزل. ثم

قد يعجبك ايضا