مذبحة جماعية بالسم
أحمد الأحصب
بعد وفاة نجاح أصبح السم لاعبا سياسيا في السياسة في دولة آل نجاح. فأثناء صراعه مع سبأ الصليحي والملكة أروى استأجر جياش النجاحي (وهو ثالث حكام آل نجاح بعد أبيه وأخيه سعيد الأحول) ( بين 483ه-503ه/1090م-1104م) -ثلاثة آلاف من الغز من خارج اليمن. وأثناء ما كانوا في طريقهم إليه انتابته المخاوف من انقلابهم عليه فراجع نفسه فأمر عماله في المناطق التي سيمر منه الغز بوضع السم في طعامهم. ونفذوا ما طلب حاكمهمولم يصل إليه من أولئك المرتزقة المساكين إلا ألف.
وأستمر مسلسل السموم في تلك الدولة. ففي عام 521ه/1126م أقدم الوزير من الله الفاتكي على قتل مولاه منصور بن فاتك بن جياش بن نجاح (خامس الحكام النجاحيين) بالسم وملك ابنه فاتك بن منصور. وبعد عشر سنوات تم التخلص من فاتك هذا بالسم أيضا على يد الوزير إقبال كان ذلك سنة 531ه/1136م.
وأصبحت زبيد أواخر الدولة النجاحية وكرا للمؤامرات بالسم. وازدهرت سياسة القضاء على الخصوم بواسطة السم. فازدهرت تجارته. ونبغ في هذه التجارة رجل يدعى حمير بن أسعد الذي كان يجلب سمه من مناطق اليمن الأعلى. وقد ابتاع الوزير إقبال من حمير هذا السم الذي قتل به فاتك بن منصور. وكل من مات بالسم من ملوك بن نجاح ووزرائهم فمن عند حمير بن اسعد هذا.
بعد حوالي قرن ونصف من الزمان قاومت فيه أعتى وأقوى الدول اليمنية انتهت دولة آل نجاح لتعلن وفاتها رسميا عام 554م ولم تتسبب دولة قوية ولا خصم جبار بتلك النهاية ولكن كان ذلك على يد صاحب مشروع سياسي مبتدئ ولكنه طموح قاده علي بن مهدي الحميري. وقد ساعده على ذلك السم السياسي الذي أفنى السلالة الحاكمة.
ولكن هذه الدولة الفتية التي أسسها ذلك السياسي الطموح ابن مهدي لم تلبث أن عانت بدورها من هذا القاتل الصامت. فبعد وفاة ابن مهدي في شوال 554ه/1159م (لم يحكم إلا اقل من ثلاثة أشهر) خلفه ابنه مهدي بن علي الذي عمل على إكمال مشروع أبيه فتوسعت غزواته وفتوحاته إلى مناطق مختلفة من اليمن. وبعد معركة خاضها في الجند عام 558ه/1162م بدأ يعاني أعراض التسمم وحمل منعوشا في لفائف من القطن المندوف إلى زبيد حيث مات متأثرا بذلك السم.