مقاربة في معالجة الملف الأمني

مأرب الورد

 -   تعيش البلاد أوضاعا أمنية متدهورة بشكل مستمر بمختلف المحافظات بما فيها تلك التي كانت توصف بالهادئة كتعز وإب لكن أخطر مظاهر هذا الانفلات الأمني يكمن في مسلسل الاغتيالات المتكررة

> تعيش البلاد أوضاعا أمنية متدهورة بشكل مستمر بمختلف المحافظات بما فيها تلك التي كانت توصف بالهادئة كتعز وإب لكن أخطر مظاهر هذا الانفلات الأمني يكمن في مسلسل الاغتيالات المتكررة سواء للمدنيين أو العسكريين باستخدام الدراجة النارية التي يلوذ منفذوها بالفرار ثم تقيد الحوادث ضد مجهولين.
وأصبحت كثيرا من المدن موبوءة أكثر من أي وقت مضى بانتشار المظاهر المسلحة في الشوارع وتزايدت ظاهرة التقطعات القبلية على الطرقات الرئيسية بين المحافظات وتفاقمت مشكلة الاختطافات بقوة وبات أي شخص عادي أو مسؤول عرضة للاختطاف,بل ووصل الأمر إلى اختطاف صحفيين في سابقة لم تحدث من قبل,فضلا عن الأجانب.
وفي ظل هذه الأجواء اعتاد الناس سماع أخبار الاغتيالات والقتل بشكل يكاد يكون أسبوعيا الأمر الذي يرفع منسوب الغضب والتنديد الكلامي من قبل الجهات الرسمية والشعبية إزاء استهداف مسؤول أو اغتيال سياسي ثم سرعان ما ينتهي إلى طي النسيان حتى يأتي حادث آخر وهكذا نظل في متوالية هندسية لا نهاية لها.
واللافت أن ثمة علاقة بين توتر المشهد السياسي وتدهور الوضع الأمني وكلما عاد الاختلاف وارتفع صوت تبادل الاتهامات كلما انعكس ذلك على الواقع بحيث يمهد هذا الجو للمتربصين باقتناص الفرص لتنفيذ مخططاتهم في زعزعة الأمن والاستقرار باعتباره مقياس شعور الناس بحدوث التغيير من عدمه وما الاعتداءات على خطوط الكهرباء وأنابيب النفط إلا تجليات واضحة للأهداف التي يريد أصحابها تحقيقها ليسوقوا مواقفهم في الإعلام وهي تتماشى مع ما يحصل على الأرض.
وتتفق الحكومة على سوء هذا الواقع ويرسم تقرير صادر عنها مؤخرا صورة قاتمة للمشهد العام وخاصة ملف الأمن والاستقرار والذي أظهر عجز الحكومة في فرض سيادة القانون وبسط الاستقرار والحد من الأعمال الإرهابية المختلفة.
التقرير لخص جملة الصعوبات في المظاهر المتعددة الهادفة لنشر الانفلات الأمني في كافة المحافظات واستمرار المظاهر المسلحة في الطرقات العامة والمدن الرئيسية لعدد من النافذين والمسؤولين وشيوخ القبائل واستمرار تهريب السلاح إلى الداخل إضافة إلى الممارسات المتفرقة من قبل بعض القوى السياسية بالاحتكاك بالمؤسسات الأمنية أو فيما بينها أو عدد من الجماعات القبلية وتحولها إلى مواجهات مسلحة في بعض حالاتها ما انعكس على زعزعة الاستقرار وإقلاق الأمن والسكينة العامة.
ويعترف التقرير الخاص بمستوى تنفيذ خطة الأداء الحكومي خلال الفترة (يناير- يونيو 2013م) بعجز الحكومة في الحد من الجريمة وتمثل ذلك في استمرار الاعتداءات على الكهرباء وأنابيب النفط والغاز(116 اعتداء) رغم تنفيذ العديد من عمليات الأمن الوقائي.
وفي لغة الأرقام يكشف التقرير عن مقتل 130 من أفراد الجيش والأمن في عمليات للقاعدة وسجلت معدلات الجريمة ارتفاعا بنسبة 30% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي لكن في المقابل هناك انجازات وإن كانت لا تذكر في بحر الاخفاقات ومن هذه الانجازات – وفق التقرير – قتل 40 من أعضاء القاعدة وضبط 880 ألف قطعة سلاح مختلفة وتم إغلاق 16 محلا من أصل 131 محلا.
ما يمكن أن نستخلصه من هذا التقرير هو أن هناك فشلا أمنيا في مختلف الجوانب وأن الحكومة أخفقت في تحقيق أهم مطلب لليمنيين وهو الأمن والاستقرار وإشاعة الطمأنينة والسكينة في ربوع البلاد والتي أصبحت مطلبا عاجلا في كثير من المدن.
ندرك حجم التحديات أمام الحكومة والتركة الثقيلة التي ورثتها من النظام السابق والتي تحتاج لوقت للإصلاح والتغيير بدءا من إجراء هيكلة في أجهزة الداخلية وإحداث تغيير شامل في القيادات الأمنية وتغيير فلسفة وفكر رجال الأمن,لكن هذا لا يعني أن تقف الحكومة عاجزة مكتوفة الأيدي إزاء استمرار التدهور الأمني دون أن تحرك ساكنا أو تضع حدا لهذا العبث بالنسيج الاجتماعي.
ما الذي يحول دون الإسراع في استكمال هيكلة الداخلية ولماذا لم يجرö تغيير مدراء أمن بعض المحافظات ومدراء المديريات وأقسام الشرطة لاسيما الذين ثبت فشلهم وعجزهم وفسادهم واستبدالهم بآخرين أكثر كفاءة ومهنية واحترافية ضمن حزمة إجراءات لمعالجة الملف الأمني والذي لابد أن يبدأ من تغيير القيادات وإعادة تعريف قوات الأمن بوظيفتها بعد التغيير الذي تشهده البلاد.
في قضية الاغتيالات المتكررة كثيرا ما نسمع عن تشكيل لجان للتحقيق لكننا لا نعرف مصيرها ولا تعلن نتائجها ولم نعثر لأي منها على جواب وهذا ما يغري الخارجين عن القانون للاستمرار في نهجهم التخريبي في ظل شعورهم بأن هوياتهم ستظل غير معلومة ولن يعر

قد يعجبك ايضا