دمع من القلب

دكتور ياسين عبدالعليم القباطي

 -  قصة واقعية لمصاب بمرض الجذام تغلب على المرض وأنتصر عليه و ما زال يعمل في برنامج مكافحة الجذام هو الحاج أحمد عزيز أبو حسن من بيت أبوحسن عزلة الكينعية آنس

قصة واقعية لمصاب بمرض الجذام تغلب على المرض وأنتصر عليه و ما زال يعمل في برنامج مكافحة الجذام هو الحاج أحمد عزيز أبو حسن من بيت أبوحسن عزلة الكينعية آنس
الحلقة 44 العمل وحب الحياة
تم زواجي في عام 1971م وأكملت نصف ديني كما يقولون استقريت في بيتي الصغيرة التي أستأجرتها من مريض سبقني إلى الإقامة في الحصب وكون نفسه وبنى قريبا من قسم الجذام بيتا صغيرا بعيدا عن بيته التي طرد منها يؤجره ليستفيد من ريالات قليلة يجنيها من إيجاره الشهري غرفة وحمام ومطبخ صغير بدون سقف في حوش صغير بجانب الغرفة كان المطبخ هو الغرفة المكشوفة التي تغطي جوعي فتسعدني وتمتعني وتطمني بأنني لن أجوع مرة أخرى فعملي في تقطيع الحجارة من الجبل المجاور وفي الحقول يوفر لي ما احتاجه من مال لنعيش منه أنا وزوجتي الطيبة التي كانت تعمل طوال اليوم تجيد الطبخ وتعطيني من الحب والحنان ما فقدته من والدتي ومن عمتي سابرة وخالتي فائقة بل لو أنني جمعت حب جميع الناس لي لا أستطيع مقارنته بحب زوجتي وعطفها وحنانها ووقوفها بجانبي نسيت معها كل ما قاسيته من ظلم المجتمع وقساوته.
بعد فترة وجيزة فكرت ببناء بيت يكون بيتنا الدائم لما لا فكل المرضى الأقوياء امتلكوا أرضا وبنوا بيوتا في الحصب ولم يمنعهم أحد فأهل تعز طيبون مسالمون أعطاني الوالد محمد الآنسي أرض من أراضية الواسعة التي استصلحها ما بين الجبل وقسم الجذام بعد أن طرد من الجيش بسبب مرضه وبتر ساقه وجاء ليعيش هنا مريضا ومالكا لأرض لم يمنعه أحد من تملكها وهبني تلك القطعة من الأرض لبناء منزل صغير وكانت الأرض التي خصصت لي تبعد عن قسم الجذام حوالي 300 متر فقمت ببناء غرفة وحمام كانت الغرفة صغيرة لكني بنيتها رغم معارضة زوجتي التي كانت تصر على أن نبني بيتا كبيرا تحسبا لقدوم الأطفال معلم البناء مصاب بالجذام مثلي لكنه بناء يبني وأنا أساعده أتعلم منه البناء وزوجتي تمدنا بالطين والمياه تنقله على رأسها من قسم الجذام. لم يضنن نقل الحجارة من بعيد فقد كنت أستخرجها بنفسي من نفس أرضية البناء تعز منطقة حجرية توجد فيها كل أنواع وألوان الحجارة من الأبيض الى الأصفر إلى الأخضر والأحمر كنت أساعد المعلم وزوجتي تطبخ وتشقى معنا لم يضايقن إلا ذلك العرق الغزير الذي يتصبب من جبيني ووجهي وأجزاء كثيرة من جسدي تعوض تلك الأجزاء من جسمي التي افقدها مرض الجذام القدرة على التعرق.
كانت تجربة بناء بيتي الصغير مدرسة جديدة لي ولزوجتي تعلمت البناء بالحجر والطين وتعلمت زوجتي كيف تنتقي الطين الصالح للبناء تحضره عصر كل يوم من الوادي حيث الطين الناعم الصالح للبناء تعجنه بالماء وتتركه حتى الصباح ثم أشكله على شكل كور وأناوله للمعلم الذي يضعه بإتقان بين صفوف الحجارة فيرتفع البناء رويدا رويدا ويرتفع معه شعورنا بالامتلاك والاستقرار حتى وصلنا السقف بعد شهر واحد فقط كنت قد استعديت لهذه المرحلة بشراء خشب السدر من المزارعين في الشعاب المجاورة في قرية الزنوج وجففته وتركته جاهزا للبناء. كنا نضع بين الخشب طباقا من عيدان الصرب ونضع بينها الطين المعجون بقش التبن ونمرج الجدران من الداخل بالطين وندهنها بالجير فتصير بيضاء. لم ينته البناء الا وقد تعلمت هذا الفن وأصبحت ماهرا بالبناء بالحجر والطين وصرت بناء فكنت أذهب إلى القرى المجاورة للعمل في قرى المطار والدمينة والزنوج والبعرارة ويتبعني 2 من العمال أتقاضى مبلغ 5 ريالات في اليوم والعامل ريالان. في هذه الأثناء لم أعد أزور القسم وانشغلت بعملي فقد كان المرضى العاجزين المبعدين من قراهم يتميزون بالشراسة والعنف وكانت الخناقات مستمرة وخاصة عندما يحضر الأغنياء لتوزيع أموال الصدقات والزكاة أثناء الشهر الكريم كثير من التجار كانوا يحضرون لتوزيع الصدقات الغنامي ومحمد الزغير وعبدالعزيز الحروي وعبدالغني مطهر وهائل سعيد والشيباني ومحمد وهزاع طه ناجي وغالبا ما كانت تنتهي زياراتهم بالخناقات فيهرب التجار. لم يعد الطبيب السويدي يزور المستشفى وحضر بدلا عنه طبيب روسي وكان يتأفف من المرضى ويبتعد عنهم ويخاطبهم من بعد كان يخاف من المرض فلم يعجب ذلك المرضى فاشتكوه للعولقي وللآنسي الذين تعصبوا ضده وطردوه من المستشفى وتعاون معهم المرضى لطرده في شبه مظاهرة ولم يعد يحضر للمستشفى طبيب. كثر المرضى ولم يعد القسم القديم يكفي فتطوع الحاج هائل سعيد أنعم ببناء قسم جديد.
لم أعد أهتم كثيرا بقسم الجذام وما يدور فيه فقد كنت مهتما بعملي أعمل بإجتهاد كمعلم بناء أحب الحياة وأجمع المال وأستعد لتوسعة بيتي الصغير.
لم أعد أشعر بأن جسمي مريض فقد اختفى الجذام وشفيت منه بفظل

قد يعجبك ايضا