رغم التطور الكبير الذي شهدته بلادنا في مختلف المجالات بعد قيام ثورتي 26 سبتمبر 1962م و14 أكتوبر 1963م ورغم اسهاب الجميع “مسئولين ومثقفين وصحفيين ومواطنين..” في الحديث عن حق المرأة بالالتحاق بالمدرسة والجامعة وحقها في الحصول على فرصة عمل رغم كل هذا وغيره ما تزال المرأة اليمنية تواجه الكثير من المشكلات والمصاعب لانتزاع حقوقها المشروعة في ممارسة العمل خارج المنزل وفي مشاركة اخيها الرجل في رعاية الأسرة وتحديد مستقل أفرادها وفي بناء وتنمية وتطوير البلد في مختلف المجالات من بين أنياب ذئاب على هيأة آدميين أدمنت على إزدراء المرأة والتعامل معها بعقلية عقيمة وبسلوك غير سوي إلا أن هذا لا يعني عدم حصول المرأة على أي من حقوقها الأساسية منذ قيام الجمهورية وحتى وقتنا الراهن وهاكم الدليل بلسان المرأة نفسها:
> الأخت حنان مصلح سعيد – إحدى المدرسات بأمانة العاصمة صنعاء تقول: إن عمل المرأة خارج المنزل سواء في الجهات الحكومية أو في القطاع الخاص يشكل دعماٍ اقتصادياٍ لأسرتها ولمجتمعها ويساهم في تنمية البلد وتقدمه وهذا ما يجب أن يدركة الجميع كما أن عمل المرأة يعد حق من حقوقها الأساسية المشروعة ويعد الركيزة الأساسية لبلوغ الاستقرار المعيشي للأسر اليمنية التي تعاني من الغلاء في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والكمالية وتواجه صعوبات ومشاكل عديدة بسبب حالات الفقر والبطالة المتفشية في صفوف أفرادها التي بدورها تؤدي إلى عدم القدرة على تعليم أطفالها بصورة صحيحة وعدم القدرة على الانفاق عليهم ورعايتهم صحياٍ وغذائياٍ وإلى تشريد الأهالي.
> ونوهت حنان إلى تجربتها المريرة مع من لا يشعرون بحق المرأة في التعليم وفي الالتحاق بالعمل حيث قالت: لقد جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن وكان قدري أن اتزوج قبل عشرة أعوام برجل متزوج بامرأة أخرى ولديهما العديد من الأولاد وحينذاك كنت في العام الثاني من دراستي الجامعية وكنت أشعر بأن من سأتزوجه سيكون مشجعاٍ لي وسيساعدني على اكمال تعليمي الجامعي لكونه أصبح أباٍ ويعرف أهمية التعليم للمرأة والرجل على السواء ومادام ولديه أسرة وهو المسئول عنها تطلعت إلى أنه سيكون مدركاٍ للمسئولية تجاهي وتجاه استكمالي لتعليمي إلا أنني للأسف الشديد تفاجأت بأن زوجي ضعيف الشخصية أمام تسلط ابنه الكبير الذي له الكلمة العليا داخل الأسرة فحصلت مصادمة وخلافات بيني وبين هذا الابن وتمكنت بفضل اصراري من مواصلة دراستي الجامعية وقد كان زوجي يوافقني على مواصلة تعليمي لكنه في نفس الوقت لا يستطيع اتخاذ قرار يلزم ابنه بعدم التدخل فيما لا يعنيه وفي بعض المرات كنت اتفاجأ به يتأثر مما تردده ضرتي وولدها على مسامعه ويبدأ يتحجج بعدم قدرته على توفير مصاريف ونفقات الجامعة وتارة أخرى يتحجج بالعادات والتقاليد التي لا تسمح بدخول المرأة الجامعة غير أن الحجج الواهية لم تضعفني وتجعلني استسلم ذلك بأنني اتجهت لوالدي الذي استعد لدعمي وتحمل نفقات دراستي الجامعية وبعدها اتفقت مع زوجي على أن يسمح لي بالدراسة وابي من سيتحمل التكاليف وحينها ظهرت علامات الحزن على وجه زوجي واعتذر لي وأبدى استعداده لإعطائي ما يلزم من نفقات لاكمال دراستي غير أن أمور الأسرة المادية بيد ابنه الذي يدير محلهم التجاري وهو لا يستطيع مقاومة تعنته في هذا الموضوع وبعد ذلك استطعت وبحمد الله اكمال دراستي الجامعية والفضل في ذلك لوالدي وحصلت على وظيفة فكان لي ذمة مالية مستقلة تغنيني أنا وأبنائي عن ما يعطينا ابن زوجي شهرياٍ من مال زهيد لا يكفي حاجاتنا ومتطلباتنا الأساسية من المأكل والمشرب والمستلزمات الدراسية للأولاد وكذا المتطلبات الكمالية الأخرى.
صاحبة قرار
وأضافت حنان: لقد كان لعملي خارج المنزل أثره الكبير في تحسين مستوى معيشة أسرتي الصغيرة حيث أنني أصبحت صاحبة القرار عند زوجي وأولادي الاثنين واستطعت أن أوفر لهم جميع متطلباتهم بالإضافة إلى مساعدة زوجي على نفقات المنزل بشكل كبير لكون ما يدخل عليه من محله التجاري الذي يديره ابنه الكبير من الزوجة الأولى زهيد جداٍ فخير ذلك المحل يذهب لضرتي وابنائها ونحرم نحن منه صحيح أن ذلك التصرف من ابنه كان يؤثر على أسرتي الصغيرة في الماضي خاصة أثناء ما كنت أواصل دراستي الجامعية إلا أن ذلك الأمر تغير بعد أن عملت خارج المنزل ولم يعد ذلك الحرمان يؤثر علي أنا وابنائي ولم نعد نحرم من أي متطلبات نريدها فعمل المرأة عبادة ويجعل لها دوراٍ فاعلاٍ في أسرتها ومجتمعها.
المؤثرات الأسرية
أما الناشط الحقوقي عبدالباري علي أحمد تحدث قائلاٍ: لا شك أن للمرة العاملة في بلادنا حضوراٍ ودوراٍ في رعاية اسرتها وكذا في المشاركة في مجمل الحياة العامة وفي سوق العمل بشكل فاعل ولا يستطيع أحد انكار ذلك صحيح أن هذا الحضور دون مستوى التطلعات والآمال نتيجة لعدة ظروف وعوامل اجتماعية واقتصادية لا يتسع المجال لذكرها تحاول أن تعيق المرأة عن القيام بدورها التنموي والاقتصادي والثقافي والسياسي مثلها مثل أخيها الرجل إلا أنه ومع كل هذه العوامل والعوائق والظروف استطاعت المرأة اليمنية العاملة أن تؤدي دورها وأن تقوم بواجبتها والمشاركة بفاعلية في رعاية اسرهْن والأسهام في تطوير المجتمع وتنمية البلاد.
وأضاف: ومثلما توجد عوائق أمام المرأة هنالك أيضا الكثير من المؤثرات الأسرية التي تساعد المرأة العاملة في أن تكون صاحبة قرار ودور في الأسرة والمجتمع فالزوج إذا كان مشجعاٍ لزوجته في أن تكون صاحبة رأى ويأخذ برأيها ويشاورها في أمور الأسرة ومشاكلها ومستقبلها فإن ذلك يسهم ويساعد في الاستقرار الأسري وفي بناء جيل واع ومدرك بأهمية مشاركة المرأة لأخيها الرجل في مختلف المجالات وفي اتخاذ القرارات التي تتطلبها الحياة المعيشية والاجتماعية.
وأردف عبدالباري قائلاٍ: لا يخفي على كثير من الناس أن المشاكل والخلافات التي تنشب من وقت إلى آخر داخل الأسرة الواحدة في بلادنا دائماٍ ما يكون سببها عدم قبول الزوج بأن تقوم زوجته بممارسة العمل في أي من المجالات التي ترغب العمل فيها وهذا بدوره يؤثر بشكل كبير جداٍ على مستقبل الأجيال المتعاقبة ويورثها العقد والمشاكل والجهل.
ستكون مقصرة
أما الأخ محمد علي عبده فله رأى مغاير وتحفظات على عمل المرأة حيث قال: إن عمل المرأة خارج المنزل يؤدي إلى معظم المشاكل الزوجية كما أن عملها يجعلها تتخلص من مسئولياتها تجاه بيتها وأسرتها فخروجها للعمل تاركة وراءها أولاداٍ يحتاجون إلى الرعاية والاهتمام يخلق مشاكل لها ولأسرتها لأنها ستكون بالتأكيد مقصرة ويترتب على ذلك قلة دورها وفاعليتها داخل أسرتها إلى جانب حدوث مشاكل أخرى يسببها غياب المرأة العاملة عن المنزل وانشغالها بالعمل فالأطفال سيكونون عرضة للاخطار داخل المنزل بعبثهم بالأثاث أو اشعال النيران فيه وغير ذلك من المخاطر وخارج المنزل بتعرضهم لأخطار حوادث السير أو اللعب مع أولاد سيئي الاخلاق.
وأضاف محمد علي: إن العائد المادي الذي تحصل عليه المرأة في عملها يضع بعض المشاكل الزوجية أيضاٍ فثقة المرأة وشعورها بأنها ليست بحاجة مادية لزوجها ينعكسا سلباٍ على تصرفاتها مما يجعلها لا تصبر على زوجها وتكون حادة الطبع مغرورة وغير مستعدة لتقديم أي تنازلات لزوجها لاستقرار حياتهما معاٍ وذلك ما يؤدي في آخر المطاف إلى الطلاق وتشتت الأسرة وتفرق افرادها.
تسلط الرجل
رغم تطورنا ثقافياٍ واجتماعياٍ وتغير الكثير من العادات والتقاليد السلبية إلا أن المرأة العاملة لم تستطع أن تقوم بدورها الكامل والفاعل في تحديد مستقبل افراد اسرتها بمشاركة زوجها نتيجة تسلط الرجل بالإضافة إلى أن المجتمع الذكوري لازال هو المسيطر على الأسرة خاصة والمجتمع عامة بهكذا ايجاز تحدثت الأخت «ن. أ» عن وضع المرأة اليمنية في وقتنا الراهن ثم أردفت بالقول:
أنا أحد الموظفات واساعد زوجي على مصاريف البيت إلا أن ذلك لم يشفع لي عنده في ترك ولو مساحة بسيطة للعب دور أساسي داخل الأسرة كتحديد مهام لبنائنا أو في الموافقة على شراء اثاث المنزل أو مناقشتي فيما يتعلق بزواج ومستقبل ابنائنا فزوجي يتخذ القرارات دون ان يطلعني او يستشيرني في اي امر متعلق بحياة ومستقبل افراد الاسرة بل يعاملني على انني قطعة من اثاث البيت ليس الا.
مسؤولية ثقيلة
الاخت أم سلطان ادلت بدلوها في هذا الموضوع حيث قالت: ما ان حصلت على فرصة عمل لكي اساعد زوجي على متطلبات المعيشة الصعبة إلا وتفاجأت بأن زوجي تخلص من بعض مسؤولياته تجاهي انا والابناء وقرر تسليمي راتبه كل شهر وأوكل لي مهمة ادارة المنزل وتوفير متطلبات المنزل ورعاية الابناء وتفرغ لسهر الليالي مع الاصحاب ولعب الدمنة والبلياردو إلى اوقات الفجر والنوم حتى الظهيرة ملقيا على كاهلي مسؤولية كبيرة وصعبة لا اقوى على حملها وحدي.
ونوهت ان أكثر ما احزنها هو انه عندما تقدم احد الاشخاص لخطبة ابنتها طرحت على أبيها الموضوع لكي يسأل عن ذلك الشخص وعلى اخلاقه فتفاجأت بقوله (انت اخبر وانا لن اتدخل كونك مسؤولة البيت وقد اوكلت لك كل شيء).
واختتمت ام سلطان حديثها بالقول: أنصح كل امرأة عاملة او غير عاملة بأن تحرص على ان يكون دورها داخل الاسرة مساعدة ومشاركة الرجل في ادارة الاسرة وان لا تتولى المسؤولية بمفردها وان لاتكون سببا في تهرب الرجل من مسؤولياته تجاه افراد الاسرة.