اليمن وخيار الدولة الاتحادية الفيدرالية
أ.د/ عمر عثمان سعيد العمودي – جامعة صنعاء
خيار الدولة الاتحادية الفيدرالية للعمق الجديد هو من الناحية الموضوعية والواقعية الأنسب والأفضل – من وجهة نظري – حفاظا على بقاء اليمن الواحد والوحدة اليمنية وعلى أساس ديمقراطي ودولة مدنية عصرية عمادها العدل والمساواة والمواطنة الواحدة وحكم وسيادة النظام والقانون بعيدا عن أخطاء العقدين الماضيين وتجربة الدولة الموحدة البسيطة وما شابها من سلبيات أسهمت بقدر كبير في وصولنا إلى ما نحن فيه من أوضاع متأزمة على كافة أوجه ومناحي حياتنا الحالية وأسهم في الخروج السريع إلى بر الأمان إلى يمن مشرق ومزدهر وجديد لكل أبنائه.
الدولة الاتحادية الفيدرالية هي الأكثر قربا وارتباطا بالمشاركة العامة وعلى أوسع نطاق وفيها يتحول التنوع الجغرافي والفكري والأدبي والفني وممارسة كافة الحقوق والحريات للمواطنين من مختلف الفئات إلى قوة بناء وتنمية إيجابية للجميع وفيها -ومن خلال مشاركة المواطنين في عملية تسيير مختلف شؤون البلاد وبالذات في عملية صنع القرار العام في كل مؤسسة- يتم الحفاظ على موارد وثروات البلاد والعمل الدائم على تطويرها واصلاح ركائزها وأبعادها قانونيا وعملا بعيدا عن أيدي وعقول وفكر العابثين من داخل الحكم وخارجه لأن ما هو للدولة وللشعب يجب حمايته للدولة وللشعب من كل الأطياف والألوان وفي الفيدرالية تكثر وتتعدد صور التوازنات وتتحدد الصلاحيات والاختصاصات فما هو للدولة الاتحادية ينص عليه في دستورها وما هو للولايات أو الأقاليم يسطر ويثبت في دساتيرها ويعطى لكل ذي حق حقه وعند حدوث بعض التداخلات أو التضارب في الاختصاصات فهناك مؤسسة عليا أو أكثر من مؤسسة تبت فيها وأحكامها نافذة على الجميع والنظام والقانون هو سيد الجميع.
اليمن الجديد والمجيد
ماذا يريد له المخلصون من أبنائه¿ وكيف يمكن الوصول إلى الآمال والتطلعات المرجوة والمشروعة¿ كيف تتحقق ومسؤولية من¿ وعن طريق من¿ ماذا نقول¿ وماذا يمكن أن يقال في هذا المجال¿
أنا متفائل وعلى ثقة كبيرة في أن أغلبية الشعب اليمني متمسك بخيار اليمن الواحد وأنها لن تخلى عن ذلك والوحدة التي قامت لتبنى ولكن على أساس وركائز قوية ومتينة تحفظ حقوق وحريات جميع أبناء البلاد بعيدا عن الاستغلال والاستبداد والظلم والتسلط من أي جهة كانت سلالية أو عائلية أو قبلية أو مذهبية فالدولة هي للجميع والمصالح العليا للدولة هي مصالح الشعب بكل فئاته وطوائفه لدينا أمنيات وآمال وطموحات كثيرة ليمن الخير والبركات يمن الإيمان والحكمة اليمن الواحد يمن العزة والقوة والشموخ والازدهار ومحصلتها المختصرة هي:
أ- صدور مخرجات الحوار اليمني الوطني العام والشامل بإجماع -أو على اأقل بالأغلبية العظمى من أطرافه المشاركة- وأن تكون هذه المخرجات في صورة عقد اجتماعي وسياسي جديد وميثاق عام جديد يحدد لليمن ركائز الحياة السياسية والاجتماعية لعقود عديدة قادمة ويبنى على أساس ذلك إعداد مشروع الدستور اليمني الديمقراطي الجديد الذي يجب بعد اعتماد الشعب له أن تجرى الانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية وهذا هو المدخل السليم لإقامة الدولة المدنية دولة المؤسسات والنظام والقانون ونقترح أن يعقد مؤتمر قومي ختامي احتفالي للتصديق على هذه المخرجات والتوقيع عليها من أغلبية رموز الشعب اليمني ومؤسساته الرسمية وغير الرسمية من الذين أعدوا الميثاق ومن الذين يباركون على المنجز والانجاز الوطني العام والشامل.
ب- الدولة الاتحادية الفيدرالية: وتأخذ بها الكثير من دول العالم وخصائصها وركائزها وتوازناتها الدستورية والسياسية النظرية والتطبيقية معروفة ونجاحها متفاوت من دولة لأخرى بحسب نضوج ووعي وديمقراطية كل دولة على مستوى الحكام والمحكومين وصدق ممارساتهم وسلوكياتهم في عملية المشاركة في الحراك السياسي والاجتماعي والإداري والأمثلة كثيرة على مدى النجاح وعلى مدى التعثر والضعف فالاتحاد السوفيتي السابق وقبل انهياره عام 1991م كان من الناحية النظرية والدستورية متقدما ولكنه من الناحية العملية كان متخلفا لأن قادة الحزب الشيوعي الشمولي المتسلط أداروا الدولة حوالي سبعة عقود وكأنها دولة موحدة بسيطة شديدة المركزية وشديدة الجمود والبيروقراطية وكان ذلك أحد أسباب انهيار تلك الدولة المترامية الأطراف والنموذج الآخر للدولة الاتحادية الفيدرالية هو الولايات المتحدة الأميركية فقد قام نجاحها العملي على حسن إدارة التنوع الفكري والثقافي والفني والتراثي والمصلحي على أساس الديمقراطية والمرونة والتسامح والثقة في قدرات المواطنين ومبادراتهم مع الالتزام بحقوقهم الدستورية والقانونية ومع خضوع الجميع للنظام والقانون وسيادة مبدأ ال