قضايا الوطن المصيرية لا تحل بالانسحابات ولا المزايدات
علي أحمد العöمراني
الرئيس هادي يدعم تأسيس نظام حكم يحقق العدل لكل أهل اليمن وأول بوادر ذلك هي الآلية التي اعتمدت في الالتحاق بالكليات العسكرية والأمنية هذه السنة
■ عند ما حسمت الحرب لصالح الوحدة ظهرت بلادة الذين ظنوا أن تلك الحرب ستكون نهاية التاريخ
, لم تكن حرب1994م حرب الشمال ضد الجنوب كما يحرص كثيرون على تأكيد ذلك اليوم بل إن الجنوب هو الذي انتصر للوحدة ودحض الانفصال
, الحقبة التي تلت حرب 1994م حقبة عبث وفساد وتدهور وطني وقيمي شامل تستلزم الاعتذار للشعب والتاريخ والقيم والحضارة
■ الجيوش التي تستحوذ عليها اعتبارت العشائر ومصالحها لا تنتصر.. !
كان تحقيق الوحدة اليمنية أهم إنجاز تاريخي يمني منذ قرون.. ويتساءل المرء هل سيحتفظ التاريخ لصناع ذلك الإنجاز بشيء من التقدير على الرغم مما حصل من أخطاء جسيمة بعد ذلك جعلت الشعب والبلد تعاني كثيرا وبصفة مستمرة ومتفاقمة منذ أكثر من عقدين من الزمن .. بالتأكيد سيتحدث التاريخ عن كل شيء وسيشير إلى الرجال والأدوار والمواقف وقد يبحث في النوايا ويفند الدعاوى . ويقينا فإن التاريخ لن يغفل أو يغفر الاخطاء الجسيمة التي ارتكبت أثناء وبعد تحقيق الوحدة ومن تلك الأخطاء التسرع والارتجال ومحاولة لانفصال وحرب 1994م والفساد الكبير الذي wساد بعد تلك الحرب التي كان يمكن تحاشيها لو سلم قادة الوحدة من الأنانية والتطرف والحسابات الخاطئة.. ويلاحظ اليوم سيطرة ما يشبه تلك الظواهر والسمات على تصرفات كثيرين ومنهم بعض قادة الحراك وانسحاب أشخاص منهم من مؤتمر الحوار تحت ذرائع ومبررات ليست معقولة ولا مقبولة.. ويبدون كمن يكرر أخطاء الماضي أو كمن يجري وراء سراب وأوهام.!
لم يكن نظام الرئيس صالح وحده المسؤول عن حرب 1994م كما يشاع اليوم لكن طيش الطرف الآخر وتطرفه وتناقضاته وقصر نظره وخطأ تقديراته كانت سببا رئيسيا آخر لتلك الحرب التي نتج عنها إخراج شركاء الوحدة من معادلة القوة والتأثير وتمخض عن ذلك تعقيدات ومعضلات لا حصر لها.. ولم يكن السفير الأميركي مجافيا للحقيقة عندما قال إن على السيد البيض تقديم الاعتذار للشعب اليمني كونه المتسبب في حرب 1994م.. وأتذكر أن حيدر العطاس رئيس الوزراء السابق المتميز كان قد لام البيض حينذاك على الاعتكافات التي بدأها في شهر أغسطس 1990م بالتزامن مع نشوب أزمة احتلال العراق للكويت.. وقد وجه السيد العطاس تلك الملاحظات في مقابلة أجراها في جنيف مع صحيفة الشرق الأوسط.. وأذكر أن مما قاله العطاس حينذاك هو إن إدارة الدول ومعالجة المشكلات لا تحل بالإعتكافات. وربما يحسن القول للمعنيين اليوم الذين نحترمهم على المستوى الشخصي ولا نوافق أداءهم السياسي إن قضايا الوطن المصيرية لا تحل بالإنسحابات ولا المزايدات ..!
طيلة فترة الثلاث السنوات التي سبقت حرب 1994م كان البيض مرة يعتكف وأخرى يظهر على الناس خطيبا بليغا ومؤثرا يتبنى قضايا الشعب اليمني كله بالطبع ويعبر عن الأحلام والتطلعات في البلد المحترم الموحد المهاب الذي صار رقما كبيرا ويصعب تجاهله على حد تعبير البيض نفسه في خطاب له عام 1990م .. ودائما لم يكن البيض ينسى توجيه سهام النقد للرئيس السابق صالح التي تمت شيطنته بما فيه الكفاية في ذلك الوقت فيما حظي البيض بشعبية وتأييد كاسح… وتوارى صالح الذي تراجعت شعبيته ومكانته وعلاقاته بالناس إلى مستوى دون المتوسط ولم يكن قادرا على مجاراة بلاغة البيض الذي لو استمر يناضل في ظل الوحدة لكسب الشعب اليمني كله في الشمال والجنوب وربما لتغلب في النهاية على غريمه اللدود وشريكه من قبل حيث لم يكن الشعب مشرذما نفسيا ووجدانيا عقليا وعقايديا مثلما عليه الحال اليوم بل كان على استعداد للالتفاف حول من يجسد الأهداف الوطنية الكبرى وأهمها الوحدة والعدل .. لو استمر البيض في تجسيد ما يدعو إليه عمليا لسلمت البلاد من متاعب عديدة ومنها حرب 1994م ونتائجها ولتخلد البيض رمزا وطنيا كبيرا دون منازع.. لكن الأقدار والقدرات الذاتية والطباع الخاصة والأخطاء الكبيرة شاءت له وللبلد مسارا ومصيرا آخر..
بعد إدراك الناس حقيقة مقاصد البيض نحو الانفصال خاصة بعد زيارته الشهيرة وآخرين من القادة