نحن أم الإخوان¿!

< أحمد الشرعبي

 - من تأمل أحوالهم ومتابعة المستجدات على سوح الربيع عموما والساحة المصرية خاصة فإن الإخوان المسلمين ليسوا كائنا هلاميا خارج منطق الفطرة وتقلبات أحوال البشر ومن المتعذر

من تأمل أحوالهم ومتابعة المستجدات على سوح الربيع عموما والساحة المصرية خاصة فإن الإخوان المسلمين ليسوا كائنا هلاميا خارج منطق الفطرة وتقلبات أحوال البشر ومن المتعذر النظر إلى الظاهرة الإخوانية كما لو كانت طبقا طائرا أفلت من السماء فتلقفه الناس بالدهشة والذهول.. إذ أن التعاطي المسئول مع مخرجات مناهجهم النظرية ومنطلقاتهم العقدية وممارساتهم السياسية المختلفة لن يصل إلى نتائج عقلانية تثمر الاستقرار والتعايش أو مساعد على اجتراح أفق مستقبلي آمن ما لم تتوافق الإرادات العربية على منطق عادل للمراجعة يتأسس على قواعد المعرفة المشتركة التي تبحث في الجذور وتقود لإعادة لحمة المجتمعات ولا تقف عند حدود الثأر وتداعيات الخصومة أو يستغرقها التلهيب القشور..
ولئن كان هذا ما يفترض بنا العمل من أجله فلم لا نجزم بأن ظاهرة الإسلام السياسي ليست شأنا مستقلا بذاته لكنها عميقة الارتباط بتفاعلات سياسية على نقيضها وهو أمر أجمعت عليه مجمل التناولات النقدية حول تجربة الإخوان.. إذ ليست وحدها ما يجب بحثه ولكن مختلف التيارات التي تعتمر الدين وسيلة للوصول إلى منافع ومصالح دنيوية كان الأحرى بالجماعات تحقيقها وفق وسائل تجتهد المجتمعات في استنباطها من تجاربها الحياتية وما تفرضه احتياجاتها المتجددة وهي ولا شك تحديات يعني العقل البشري بمواجهتها دون مغالبات تنظيمية تحتكر تمثيل الإسلام وتجبر الآخرين على الإذعان لاجتهاداتها في تأول النص وتوظيفه لخدمة توجهاتها السياسية..
دراسة الظاهرة بتفرعاتها وأوجه التباين بين اجنحتها بدءا من الجماعة كمنبع انبثقت عنه مكونات وفرق وتنظيمات عديدة يمثل المبحث الأول لأي دراسة علمية جادة تستقصي مراحل المخاض وأطوار البناء الذاتي ــ في بلد المنشأــ وماهية الظروف التاريخية التي عاشتها المنطقة العربية والعالم الإسلامي وشكلت المناخ الجاذب لحركة (جماعة) الإخوان مذ بدأ سعيها الحثيث نحو التمكين وإقامة دولة الخلافة الإسلامية وإقامة المجتمع المثالي الملتزم لنهج الولاء والبرآء.
أما المبحث الأهم فيتطلب إرادة واعية وقرارا شجاعا تتخذه الحكومات العربية لإتاحة مختلف الملفات السرية في ارشيفها الأمني أمام فرق علمية وخبراء متخصصون يقتفون دور ومساهمة الأطراف السياسية الوطنية والقومية واليسارية التي جنحت سياساتها الطفولية وممارساتها المتطرفة لاستفزاز مشاعر مجتمعاتنا الإسلامية المحافظة دون اكتراث لما يمثله ذلك من مخاطر لاسيما وقد تزامنت تلك السياسات مع موجات غضب شعبي جامح ركمته حقب النفوذ المباشر للاستعمار الاجنبي فيمعظم بلداننا العربية والاسلامية.
العداء وحده لا يبني الأوطان ولا الانتقام كمحدد رئيس للمواجهة يعيد للشعوب عافيتها وتحميل الإخوان المسلمين كامل المسئولية أصالة عن النفس ونيابة عن الأطراف الأخرى قد يحملهم إلى السجون كما في الحالة المصرية الراهنة وذلك ما يمكن اعتباره ثمن أخطائهم الفادحة في إدارة شئون الحكم.. لكن ماذا عنا نحن¿!.. ماذا عن أخطاء القوى الأخرى في السياق التاريخي المصاحب سيرة الظاهرة وعوامل نشأتها وبواعث تشددها وأسبابها الذاتية للعمل بوتيرتين متناقضتين الشراكة السياسية والمجتمعية الواسعتين خلال اندلاع شرارة الثورة على المستبد ثم اللجوء إلى الخيارات الحصرية عند بلوغ الهدف ووقوع مقاليد السلطة في قبضة اليد!!
إن غياب المعرفة الكاملة بمن نعتبرهم خصوما أو نعدهم أصدقآء يجعل معضلاتنا الكبرى أكثر استعصاء على الحلول وأبلغ ضررا بمستقبل الأوطان والشعوب.
ولو كانت المعرفة والتقويم المنصف سبيلنا الأمثل لتشخيص المعضلات ما كانت خدع الشراكة في ثورة 25 يناير لتنطلي على أحد من أطرافها ولا انفرط عقدها في أول امتحان أمام العقل الجماعي الذي قاد قوى الثورة في بلدان الربيع العربي.. ولو أن الحكومات العربية أخذت على كاهلها تنوير المجتمعات ومدها بمعرفة محايدة لا تنطلق من مواقف مسبقة أو تنزع لمعايير الولاء والعداء القرب أو البعد ما كانت جماعة الإخوان لتتورط في المجاهرة بنزعتها الإقصائية وردود فعلها المتهورة.. ولا سمحت الشعوب أن تكون جماعة الاخوان وحدها من يدفع الثمن..¿
إن كان يجوز اعتبار جماعات الإسلام السياسي خطرا يتهدد مجتمعاتنا فإن الحكومات العربية وأجهزتها الاستخباراتية أول من يتحمل المسئولية التاريخية عن صناعة هذا الخطر.. وإذا اعتبرنا الجماعة ضحية فإن التيارات السياسية والنخب الفكرية ومؤسسات الوسطية والاعتدال الرسمية كل هذه المكونات شاركت في تجاهل مظلومية الإخوان واضطرتهم لتعميم الانطباع القاتم تجاه ما لا يحسب عليهم أو لا

قد يعجبك ايضا