الوريث.. أفضل مرثية قرأتها..!!
عبدالرحمن سيف إسماعيل
> غادرنا مؤخرا وإلى الأبد الشاعر الرائع والإنسان النبيل إسماعيل الوريث.. الرجل الذي حمل الآخرين وذهب محبا لهم.. كان رحمه الله رجلا عصاميا محبا لعامة الناس.. وكان قلمه مصباحا مضيئا بالحياة.. نستمد منه أنوارنا في زمن الانتكاسات والهزائم.. زمن ملبد بالغيوم.. يعافه الناس.. زمن أصبح فيه الإنسان ذئبا لأخيه الإنسان.. زمن متفجر مليء بالأحقاد تحولت في ظله البلدان العربية الإسلامية من مراكز علمية حضرية إلى مراكز هدم وبحيرات من الدماء.. انقطعت اتصالاتنا منذ زمن بعيد وأصبحت لقاءاتنا تتم مصادفة وفي فترات متباعدة نظرا لتباعد المسافات وقلة الفعاليات الثقافية.
ولمجرد أن التقيه يبادرني بالأسئلة وبإلحاح شديد عن صحتي وأخباري وأخبار بعض الأصدقاء الذين انقطعوا عنا.. كان إسماعيل رائعا.. يسأل عن أدق التفاصيل.. يحدثني عن أشجان القلب وأحزانه.. عن أوضاعنا نحن اليمانيين والتي لم تتغير أبدا.. شعبا يطحنه البؤس والخوف والجوع والعبودية المفرطة وحاجاته للأمن والتغيير هذه المطالب مازالت قائمة منذ قيام الثورة السبتمبرية والأكتوبرية.. أي منذ أكثر من نصف قرن مضت.
كان يبدو على الدوام حزينا كظيما بسبب رحيل صديق ما.. كان على الدوام يرثي أكثر الناس ويصب أحزانه في أحرف مراثيه المختلفة.. على الرغم من ابتساماته المعتادة والدائمة.
وحينما يكتب القصيدة حزنا على صديق غادره أو رفيق إلى عالم الخلود الأبدي تشعر بمرارة الحزن يقطعه ألما.
وقصائده أيضا عبارة عن معزوفات موسيقية حزينة.. تسيل من عليها أحزانه دموعا.. عاش حياته شريفا نزيها مستبعدا مستثنيا من الامتيازات التي يحصل عليها الانتهازيون ولكنه كان سعيدا بحياته وبما يحمله من مشاعر إنسانية عظيمة.. التقيته في سبعينيات القرن الماضي صديقا عظيما ورفيقا رائعا يقاسمني ورفاقي كسرة الخبز وشربه الماء.. ويتصدر وحده للمظالم.
عرفته وطنيا وحدويا متحمسا سيما عندما التقيته ضمن قوافل اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في كل من صنعاء وعدن وعرفته محاضرا ومبدعا وشاعرا يتلو من أشواقه ما تيسر شعرا أو نثرا.. قصائد معطرة من جفون الورد والقرنفل.. وعيون النرجس والرياحين بعذوبة أحرف العشق والحنان والشجن.. موسيقى يحيكها من نسيج الروح ووجع الفقراء المؤمنين بالأرض.
والتقيته حينها في نقابة الصحفيين اليمنيين واتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين وكذا في جامعة صنعاء حينما كان زميلا في دبلوم الإعلام العالي.. &