المواطنة المتساوية
دعبدالملك أحمد الضرعي
د/عبدالملك أحمد الضرعي –
تمر الجمهورية اليمنية في هذه الآونة بمنعطف حرج تتجاذبها عدد من القوى الداخلية والخارجية وهذا المشهد ليس وليد المتغيرات الأخيرة التي أعقبت ثورة التغيير اليمنية بل نتاج تراكمات تعود لعقود مضت فعلى الرغم من قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر وثورة الرابع عشر من أكتوبر فإن مجموعة من التغييرات البنيوية التي كانت تجسدها أهداف الثورتين لم تتحقق ففي شمال الوطن سابقا تكرست نماذج جديدة من الاستبداد والحكم الفردي الشمولي والحال كذلك في جنوب الوطن الذي تعرض لصورة أخرى من الولاء الخارجي والحكم الشمولي وكانت الوحدة اليمنية هي نافذة الأمل لبناء يمن جديد قوي وموحد ومزدهر ولكن الشمولية والاستبداد مرة أخرى أفقدت الوحدة وهجها وفاعليتها وكانت حرب صيف 1994م وتبعاتها نقطة التحول المفصلية التي أثرت بشكل سلبي في الصورة التي رسمها اليمني عام 1990م حيث كانت تصرفات بعض مراكز القوى والنفوذ السياسي والقبلي خاصة ما تعلق منها بالسطو على الأراضي والعقارات والتفرد بالقوة والسلطة والثروة أهم الأخطاء التي أفسدت حلم يوم 22 مايو ومن ثم تصاعدت مظاهر الرفض لذلك السلوك التسلطي بداية بتشكيل نواة للمعارضة في الخارج ثم تبلورت معارضة داخلية في المحافظات الجنوبية يجسدها الحراك الجنوبي السلمي ومعارضة مسلحة في المحافظات الشمالية مثلتها الحركة الحوثية وفصيلها «أنصار الله» وحركة أبناء المناطق الوسطى ثم ما عرف بالحراك التهامي غرب اليمن يضاف إلى ذلك حراك أبناء إقليم الصحراء في شرق اليمن ونتيجة الهيمنة المناطقية وغياب مبدأ المواطنة المتساوية بدأت تتبلور بعض المواقف المشتركة لأبناء ريمة وعتمة ووصابين والتي يمكن تحولها مستقبلا إلى تكتل إقليمي جديد وهناك توجه آخر يدعو إليه بعض أبناء محافظة حضرموت لتكوين تكتل جنوب شرق اليمن يشمل محافظات حضرموت وشبوة والمهرة يضاف إلى ذلك التكتلات الشبابية في ساحات الحرية والتغيير على مستوى محافظات الجمهورية كما يعاني التكتل الحاكم المتمثل في حكومة الوفاق الوطني من حالة عدم انسجام ويبدو ذلك من خلال الحملات الإعلامية التي تشن على حكومة الوفاق الوطني من أطراف شريكة بها!! ومع كل هذا الوضع المأزوم يظهر تشكيل مسلح أسمي «أنصار الشريعة» في بعض المحافظات الجنوبية ويتمكن من بسط سيطرته منذ أشهر على أجزاء من بعض محافظات جنوب غرب اليمن.
إن ذلك المشهد ترجع بذرته في الأصل إلى شعور فئة من أبناء الوطن الواحد بالإقصاء والتهميش والهيمنة المناطقية وتلك المشاعر نتيجة غياب مبادئ المواطنة المتساوية وبفعل تلك الحالة بدأت تطرح على الساحة السياسية والاجتماعية في اليمن عدد من وجهات النظر تستدعي من الجميع طرحها بشفافية أولى وجهات النظر تلك كيف نحقق المواطنة المتساوية وهنا يمكن القول إن استحقاق المواطنة المتساوية يتطلب خضوع كل المواطنين للنظام والقانون لتحقيق ذلك يحتاج الأمر إلى جيش وأمن موحد وحكم رشيد وشراكة فعلية في السلطة والقوة والثروة.
إن مفهوم المواطنة المتساوية يعني عدم فرز الأفراد عند الحصول على منافع الدولة الوظيفية أو المالية مثلا حسب مكان المولد أو الإقامة أو المذهب… إلخ كما أن المواطنة المتساوية لا تسمح لـ «س أو ص» من المواطنين بنهب أرض عامة أو خاصة في محافظة أخرى مستغلا إمكانات الدولة المادية والبشرية أو قوة النفوذ السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي فكل التصرفات الاستبدادية التي نتج عنها سلب مساحات شاسعة في السهل الغربي أو الجنوبي تتعارض مع مفهوم المواطنة المتساوية وإن تحتكر فئة أو مجموعة سكانية لغالبية مفاصل الإدارة الحكومية المدنية أو العسكرية فذلك يناقض مبدأ المواطنة المتساوية على كل حال أينما وجد تمييز بين المواطنين يفقدهم حق المساواة فذلك يتناقض مع مبدأ المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية التي أكد عليها دستور الجمهورية اليمنية.
إن السؤال الذي يتردد بقوة ونتيجة إفراط بعض رموز التسلط في نهب الأراضي واحتكار المناصب المدنية والعسكرية ما هو الحل في حال استمرت فئة من المجتمع في بسط نفوذها على الجماعات الأخرى مستغلة ماتملكه من نفوذ ومليشيا مسلحة ويمكن أن تكون حادثة وفاة أحد أبناء محافظة الحديدة نتيجة إصابته بطلق ناري أثناء صراع نافذين من خارج المحافظة على أرض لا يملكونها صورة قاتمة تعكس حقيقة غياب مبدأ المواطنة المتساوية والارتهان إلى القوة والغلبة التي تتعارض مع مفهوم دولة النظام والقانون وبالتالي فممارسات قوى النفوذ خلال السنوات الماضية والتي نتج عنها شعور لدى غ